للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَسْألْ عنهم بدِقّةٍ مِنْ يَعْرِفُ حَالَهُم مِن جِيرانٍ وَأَقَارِبَ حَتَّى يَتَأكَّدَ هَلْ هُمْ أَغْنِياءُ فلا يَدْفَعُهَا إليهِم لأنَّ دَفْعَهَا لهَم مَع الغنى وجُودُهُ كَعَدَمِهِ فلا تَبْرَأُ ذِمْتُهُ وَتَبْقَى الزَّكاةُ فِي ذِمَّتِهِ وَلا يَحْمِلُه الْحَياءُ فَيُعْطِي صَاحِبَ الْغِنَى قُبْلَ أنْ يَبْحَثَ عنه هَلْ هو على فَقْرِه.

لأَنَّ كَثيرًا مِن الْفُقَراء في وَقْتِنَا انْفَتَحَ لَهُمْ أَبْوَابُ الرِّزْقِ مِن أَوْلادٍ أَوْ بَنَاتٍ أَوْ عَقَارٍ أَوْ شُؤونٍ وَلا يُبَالِي بغَضَبِ مِنْ مَنَعَهُ عَادَتَهُ مَعَ اسْتِغْنَائِهِ وَيَلْتَمِسُ رِضَا اللهِ جلَّ وَعَلا وَسَواء كَانُوا أقْرِبَاءَ أَوْ غَيْرَ أَقْربَاء.

وَلا يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ لِغَيْرِ الأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْمَذْكُورِينَ في الآية قال الله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} .

فلا يَجُوزُ صَرْفُها في بِنَاءِ الْمَدَارِسِ أو الْمَسَاجِدِ، ولا وَقْفِ مَصَاحِفَ، ولا كُتْبِ علمٍ. ولا تكفينِ مَوْتَى، ولا تَوْقِيفِ مَقَابِرَ ولا غيرِهَا مِنْ جِهَاتِ الْخَير، لأَنَّ اللهَ تعالى تَوَلَّى الْحُكم فيها بنَفْسِهِ، فقدْ وَرَدَ عن زِيادِ ابنِ الْحارثِ الصُّدائِي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: أتيتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبايَعْتُهُ، فذكرَ حديثًا طويلاً، فأَتاهُ رجلَ فقال: اعْطِنِي مِنِ الصَّدقَةِ، فَقَال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«إن اللهَ لم يَرْضَ بحُكْم نَبِي ولا غَيْرِهِ في الصَّدَقَاتِ، حَتَّى حَكَم فيها فَجَزَّأَهَا ثمانيةَ أجْزاءِ، فإن كَنتَ مِن تلكَ الأَجْزاءِ أَعطيتُكَ» .

فيأخُذُ الْفَقِيرُ وهو مَن لا يَجدُ شيئًا أو بَعْضَ الْكِفَايةِ مِن الزكاة تَمَامَ كِفَايتِهِ مَعَ عَائِلَتِهِ سَنَةً لأَنَّ وُجُوبَ الزكاةِ يَتَكَرَّرُ بتكرر الْحَوْلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>