موقوف عَلَيْهِ بعد الموت من العرض على الله سُبْحَانَهُ، ثُمَّ الحساب ثُمَّ الخلود بعد الحساب.
وأعد الله عَزَّ وَجَلَّ ما يسهل به عَلَيْكَ أهوال تلك المشاهد وكربها فإنك لو رَأَيْت أَهْل سخط الله تَعَالَى وما صاروا إليه من ألوان الْعَذَاب وشدة نقمته عَلَيْهمْ، وسمعت زفيرهم في النار وشهيقهم مَعَ كلوح وجوههم وطول غمهم، وتقلبهم في دركاتها على وجوههم لا يسمعون ولا يبصرون، ويدعون بالويل والثبور
وأعظم من ذَلِكَ حَسْرَة إعراض الله تَعَالَى عنهم، وانقطاع رجائهم وإجابته إياهم بعد طول الغم بقوله:{اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} .
لم يتعاظمك شَيْء من الدُّنْيَا إن أردت النجاة من ذَلِكَ ولا أمتلك من هوله، ولو قدمت في طلب النجاة منه جَمِيع ما ملك أَهْل الدُّنْيَا - كَانَ في معاينتك ذَلِكَ صغيرًا.
ولو رَأَيْت أَهْل طاعة الله تَعَالَى وما صاروا إليه من كرم الله عَزَّ وَجَلَّ ومنزلتهم مَعَ قربهم من الله عَزَّ وَجَلَّ ونضرة وجوههم، ونور ألوانهم، وسرورهم بالنَّعِيم الْمُقِيم، والنظر إليه والمكانة منه.
لتقلل في عينك عَظِيم ما طلبت به صغير ما عِنْد الله، ولصغر في عينك جسيم ما طلبت به صغير ذَلِكَ من الدُّنْيَا.
فاحذر على نفسك حذرًا غير تغرير، وبادره بنفسك قبل أن تسبق إليها، وما تخاف الحَسْرَة منه عِنْد نزول الموت، وخاصم نفسك على مهل وأَنْتَ تقدر بإذن الله على جر المنفعة إليها، وصرف الحجة عَنْهَا قبل أن يتولى الله حسابها.