للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني الإطباق العام وَهُوَ إطباق النار على أهلها المخلدين فيها. وقَدْ قال سفيان وغيره في قول الله تَعَالَى: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} قَالُوا: هُوَ طبق النار على أهلها.

وَقَالَ أبو الزعراء عن ابن مسعود: وإذا قيل لَهُمْ: {اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} أطبقت عَلَيْهمْ، فلا يخَرَجَ مِنْهُمْ أحد.

وَقَالَ أبو عمران الجوني: إذا كَانَ يوم القيامة أمر الله بكل جبار عنيد، وكل شيطان مريد، وبكل من يخاف من شره العبيد، فأوثقوا بالحديد، ثُمَّ أمر بِهُمْ إلى جهنم التي لا تبيد، ثُمَّ أوصدها عَلَيْهمْ ملائكة رب العبيد، قال: فلا وَاللهِ لا تستقر أقدامهم على قرارٍ أبدًا، ولا وَاللهِ لا ينظرون فيها إلى أديم سماءٍ أبدًا، ولا وَاللهِ لا تلتقي جفون أعينهم على غمض نوم أبدًا، ولا وَاللهِ لا يذوقون فيها بارد ولا شراب أبدًا.

وقَدْ أخبر سُبْحَانَهُ وتَعَالَى أن الكفار يحاولون الْخُرُوج ويرغمون على البقاء فيها.

قال تَعَالَى: {يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ} ، وَقَالَ تَعَالَى: {كُلَّما أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} الآيَة. فلا يزالون يريدون الْخُرُوج مِمَّا هم فيه من الشدة وأليم مس الْعَذَاب ولا سبيل لَهُمْ إلى ذَلِكَ، كُلَّما رفعهم اللهب فصاروا في أعلا جهنم ضربتهم الزبانية بمقامَعَ الحديد فيردونهم إلى أسفلها.

وأخبر جَلَّ وَعَلا أنهم يطلبون منه الْخُرُوج منها فَقَالَ مخبرًا عما قَالُوا: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} . والجواب على ذَلِكَ يَقُولُ

<<  <  ج: ص:  >  >>