للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الْجَنَّة عدد كُلّ حصاة لحزنوا ولكن جعل لَهُمْ الأبد» . هَذَا مِمَّا يدل على عدم فناء النار وبقاء أهلها فيها ينقلبون في أنواع الْعَذَاب لا راحة ولا نوم، ولا هدوء ولا قرار لَهُمْ، بل من عذاب إلى آخر، ولكل واحد مِنْهُمْ حد معلوم عَلَى قَدْرِ عصيانه وذنبه، إِلا أن أقلهم لو عرضت عَلَيْهِ الدُّنْيَا بحذافيرها لافتدى بها من شدة ما هُوَ فيه، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن أدنى أَهْل النار عذابًا يوم القيامة ينتعل بنعلين من نار يغلي دماغه» من حرارة نعله فَانْظُرْ الآن إلى من خفف عَلَيْهِ، واعتبر بمن شدد عَلَيْهِ الْعَذَاب ممن يسحبون على وجوههم في النار، ويُقَالُ لَهُمْ: ذوقوا مس سقر، وَقَالَ: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ} . أي: تأكل لحومهم وعروقهم وعصبهم وجلودهم، ثُمَّ تبدل غير ذَلِكَ.

وَقَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا} قال قتادة: قال ابن عباس {صَعُوداً} صخرة في جهنم يسحب عَلَيْهَا الكافر على وجهه. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

موعظة

عباد الله عليكم بتقوى الله، فإن تقواه عروة مالها انفصام وقدوة يأتم بها الكرام، وسراج يضيء للأفهام، من تعلق بها حمته بإذن الله محذور العاقبة، ومن تحقق بحملها وقته بإذن الله شرور كُلّ نائبة، والحذر من دار فرقة مالها أسلاف، وقرار حرقة مالها انصراف، وأماني رجعة مالها إسعاف، فانهضوا عباد الله في استعمال ما يقربكم من دار القرار، واتركوا كُلّ ما يدنيكم من دار البوار، فإنها المصيبة الجامعة

<<  <  ج: ص:  >  >>