ثُمَّ إنهم ليبكون بالدم بعد الدموع، ولمثل ما هم فيه فليبك. وَقَالَ صالح المري: بلغني أنهم يصرخون في النار حتى تنقطع أصواتهم فلا يبقى مِنْهُمْ إِلا كهيئة الأنين من المدنف.
وروى الوليد بن مسلم عن أبي سلمة الدوسي - واسمه ثابت بن شريح - عن سالم بن عَبْد اللهِ عن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كَانَ يدعو:«اللَّهُمَّ ارزقني عينين هطالتين يشفيان الْقَلْب بذروف الدموع من خشيتك، قبل أن يكون الدمَعَ دمًا، والأضراس جمرًا» . سالم بن عَبْد اللهِ هُوَ المحارَبِّي، وحديثه مرسل. وروى الوليد بن مسلم أيضًا عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن إسماعيل بن عبيد الله قال: إن داود عَلَيْهِ السَّلام قال: (رب ارزقني عينين هطالتين يبكيان بذروف الدموع ويشفيان من خشيتك، قبل أن يعود الدمَعَ دمًا، والأضراس جمرًا) ، قال وكَانَ داود عَلَيْهِ السَّلام يعاتب في كثرة البُكَاء، فَيَقُولُ: دعوني أبكي قبل يوم البُكَاء، قبل تحرق العظام، واشتعال اللحى،، وقبل أن يؤمر بي {مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} وروى يونس بن ميسرة عن أبي إدريس الخولاني قال: إن داود عَلَيْهِ السَّلام قال: أبكي نفسي قبل يوم البُكَاء، أبكي نفسي قبل أن لا ينفع البُكَاء، ثُمَّ دعا بجمر فوضع يده عَلَيْهِ، حتى إذا حره رفعها، وَقَالَ: أَوَّهْ لعذاب الله، أَوَّهْ أَوَّهْ قبل أن لا ينفع أَوَّهْ.
وروى ثابت البناني عن صفوان بن محرز قال: كَانَ لداود عَلَيْهِ السَّلام يومًا يتأوه فيه، يَقُولُ: أَوَّهْ أَوَّهْ من عذاب الله عَزَّ وَجَلَّ قبل أن لا ينفع أَوَّهْ، قال: فذكره صفوان ذات يوم في مجلس فَبَكَى حتى