للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأني أتيت، فأخرجت من الْمَدِينَة، فأدخلت الْجَنَّة، فسمعت وجبة انفتحت لها الْجَنَّة، فنظرت فإذا فلان وفلان وفلان، فسمت اثني عشر رجلاً كَانَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بعثهم في سرية قبل ذَلِكَ، فجيء بِهُمْ عَلَيْهمْ ثياب طلس، تشخب أوداجهم، فقيل: اذهبوا بِهُمْ إلى نهر البيذخ، قال: فغمسوا فيه، فخرجوا ووجوههم كالقمر ليلة البدر، فأتوا بصحفة من ذهب فيها بسر، فأكلوا من ذَلِكَ البسر ما شاءوا، فما يقلبونها من وجه إِلا أكلوا من الفاكهة ما أرادوا، وأكلت معهم، فَجَاءَ البشير من تلك السرية، فَقَالَ: أصيب فلان، وفلان، حتى عد اثني عشر رجلاً، فدعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المرأة فَقَالَ: «قصي رؤياك» فقصتها وجعلت تَقُول: جيء بفلان، وفلان كما قال. رواه الإمام أَحَمَد في مسنده بنحوه وإسناده على شرط مسلم.

وبعد هَذَا التفصيل لبعض ما في الْجَنَّة من نعيم، عمم ذَلِكَ فَقَالَ: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ففيها ما تشتهيه أنفس أهلها من صنوف الأطعمة والأشربة والألبسة، والأياء المعقولة والمسموعة، ونحوها مِمَّا تطلبه النُّفُوس وتهواه، كائنًا ما كَانَ.

وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً * حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً * وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً * وَكَأْساً دِهَاقاً} بعد أن ذكر جَلَّ وَعَلا حال المجرمين المكذبين الطاغين، أعقبه بمآل المتقين، وما يفوزون به من الجنات التي وصفها، ووصف ما فيها، وذكر أنها عطاء منه، ففي ذكرها استنهاظ، وحث لعوالي الهمم، بدعوتهم إلى المثابرة على الطاعات والازدياد منها، وفي تذكر ما في هَذَا المفاز والمنجى الْبَعِيد عن النار،

<<  <  ج: ص:  >  >>