للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ظهورها مسرعين، حتى إذا انتهوا إلى الوادي الأفيح الَّذِي جعل لَهُمْ موعدًا وجمعوا هناك فلم يغادر الداعي مِنْهُمْ أحدًا، أمر الرب تبارك وتَعَالَى بكرسيه فنصب هناك، ثُمَّ نصبت لَهُمْ منابر من نور، ومنابر من لؤلؤ، ومنابر من زبرجد، ومنابر من ذهب، ومنابر من فضة، وجلس أدناهم – وحاشاهم أن يكون فيهم دنيء – على كثبان المسك، ما يرون أن أصحاب الكراسي فوقهم في العطايا.

حتى إذا استقرت بِهُمْ مجالسهم، واطمأَنْتَ بِهُمْ أماكنهم، نادى المنادي: يا أَهْل الْجَنَّة إن لكم عَنْدَ الله موعدًا يريد أن ينجزكموه، فيقولون: ما هُوَ؟ ألم يبيض وجوهنا. ويثقل موازيننا؟ ويدخلنا الْجَنَّة، ويزحزحنا عن النار؟ فبينما هم كَذَلِكَ إذ سطع لَهُمْ نور أشرقت له الْجَنَّة، فرفعوا رؤوسهم فإذا الجبار جل جلاله وتقدست أسماؤه، قَدْ أشرف عَلَيْهمْ من فوقهم،وَقَالَ: يا أَهْل الْجَنَّة سلام عليكم، فلا ترد هذه التحية بأحسن من نقولهم: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلام ومنك السَّلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، فيتجلى لَهُمْ الرب تبارك وتَعَالَى يضحك إليهم، وَيَقُولُ: يا أَهْل الْجَنَّة، فيكون أول ما يسمعون منه تَعَالَى: أين عبادي الَّذِينَ أطاعوني بالغيب ولم يروني، فهَذَا يوم المزيد. فيجتمعون على كلمة واحدة: أن قَدْ رضينا فارض عنا، فَيَقُولُ: يا أَهْل الْجَنَّة: إني لو لم أرض عنكم لم أسكنكم جنتي، هَذَا يوم المزيد فاسألوني، فيجتمعون على كلمة واحدة: أرنا وجهك ننظر إليه. فيكشف لَهُمْ الرب جل جلاله الحجب ويتجلى لَهُمْ، فيغشاهم من نوره ما لو أن الله تَعَالَى قضى أن لا يحترقوا لاحترقوا، ولا يبقى في ذَلِكَ المجلس أحد إِلا حاضره ربه تَعَالَى محاضرة، حتى إنه

<<  <  ج: ص:  >  >>