للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالكلمَاتَ والأعمال والنساء الطيبات لمناسبها من الطيبين والكلمَاتَ والأعمال والنساء الخبيثات لمناسبها الخبيثين. وَاللهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى جعل الطيب بحذافيره في الْجَنَّة، وجعل الخبيث بحذافيره في النار. فجعل الدور ثلاثة:

دار أخلصت للطيبين، وهي حرام على غير الطيبين. وقَدْ جمعت كُلّ طيب، وهي الْجَنَّة.

ودار أخلصت للخبيثين والخبائث، ولا يدخلها إِلا الخبيثون، وهي النار.

ودار امتزج فيها الطيب والخبيث وخلط بينهما وهي هذه الدار.

ولهَذَا وقع الابتلاء والمحنة بسبب هَذَا الامتزاج والاختلاط، وَذَلِكَ بموجب الحكمة الإلهية. فإذا كَانَ يوم معاد الخليقة ميز الله الخبيث من الطيب.

فجعل الطيب وأهله في دار على حدة لا يخالطهم غيرهم، وجعل الخبيث وأهله في دار على حدة لا يخالطهم غيرهم، فعاد الأَمْر إلى دارين فقط: الْجَنَّة، وهي دار الطيبين، والنار: وهي دار الخبيثين.

وأنشأ الله تَعَالَى من أعمال الفريقين ثوابهم وعقابهم، فجعل طيبات أقوال هؤلاء وأعمالهم وأخلاقهم هِيَ عين نعيمهم ولذاتهم، فأنشأ لَهُمْ منها أكمل أسباب النَّعِيم والسرور. وجعل خبيثات أقوال الآخرين وأعمالهم وأخلاقهم هِيَ عين عذابهم وآلامهم فأنشأ لَهُمْ منها أعظم أسباب العقاب والآلام، حكمة بالغة، وعزة باهرة قاهرة، ليرى عباده كمال ربوبيته، وكمال حكمته وعلمه وعدله ورحمته، وليعلم أعداؤه أنهم كَانُوا هم المفترين الكذابين، لا رسله البررة الصادقون قال الله تَعَالَى: {وَأَقْسَمُواْ بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ * لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَاذِبِينَ}

<<  <  ج: ص:  >  >>