للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا أُمِرْتَ بِهِ ... مُبَادِرًا أَنْتَ أَمْرَ اللهِ لَنْ تُلَمِ

لَكِنَّ وَالدَتِي وَارَحْمَتَاهُ لَهَا ... مَاذَا يَحِلُّ بِهَا إِنْ خُبِّرَتْ بِدَمِ

فَاقْرِي وَالِدَتِي مِنِّي السَّلامَ وَقُلْ ... لَهَا أصْبِرِي لِقَضَاءِ اللهِ وَاعْتَصِمِ

حَولْ لِوَجْهِكَ عِنْدَ الذَّبْحِ يَا أَبَتِي ... وَاغْضُضْ بِطَرْفِكَ لا تَجْزَعْ لِسَفْكِ دَمِي

فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُ اللهِ يَفْعَلُ بِي ... مَا شَاءَ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ وَذُو كَرَمِ

فَاسْتَسْلَمَا ثُمَّ سَارَ عَازِمِينَ عَلَى ... إِنْفَاذِ أَمْرِ إلَهٍ مُحْيِي الرِّمَمِ

فَجَاءَ إِبْلَيْسُ يَسْعَى وَهُوَ ذُو عَجَلٍ ... فِي زِيِّ شَيْخٍ كَبِيرِ السِّنِّ ذِي هَرَمِ

فَقَالَ أَنْتَ خَلِيلُ اللهِ تَسْمَعُ مَا ... يُوحِيهِ إِبْلَيْسَ فِي الأَضْغَانِ وَالْحُلُمِ

أَجَابَهُ اخْسَأْ عَدَوَّ اللهِ إِنَّكَ إِبْـ ... ـلَيْسُ اللَّعِينُ قَرِينُ الشَّرِّ وَالنَّدَمِ

فَرَاحَ عَنْهُ وَوَلَّى خَاسِئًا خَجِلاً ... يَقُولُ قَدْ فَاتَنِي الْمَطْلُوبُ وَآلِمِ

ثُمَّ انْثَنَى نَحْوَ إِسْمَاعِيلَ مُمْتَحِنًا ... لَهُ يَقُولُ ادْنُ مِنِّي وَاسْتَمِعْ كَلَمِ

أَبُوكَ يَزْعُمُ أَنَّ اللهَ يَأْمُرُهُ ... بِذَبْحِكَ اليوم مَا هَذَا مِنَ الشِّيَمِ

فَقَالَ إِنْ كَانَ رَبُّ الْعَرْشِ يَأْمُرُهُ ... فَإِنَّنِي صَابِرٌ رَاضٍ بِلا نَدَمِ

وَطَاعَةُ الرَّبِّ فَرْضٌ لا مَحِيصَ لَنَا ... عَنْهَا لأَنْ كُتِبَتَ فِي اللَّوْحِ بِاْلَقَلمِ

فَارْجِعْ بِكِبْرِكَ عَنَّا إِنَّنَا بَرَءَآ ... مِنْكَ فَإِنَّكَ مَطْرُودٌ مِنَ الرَّحِمِ

فراحَ عنه لِنَحْو الأم قَالَ لَهَا ... إنَّ ابنَكَ اليومَ مَذْبُوحٌ على وَهَمِ

مِنْ أَجْلِ رُؤْيًا رَآهَا الشَّيْخُ حَقَّقَهَا ... يُرِيدُ انْجازَهَا هَلْ ذَا بِمُلْتَزَمِ

قَالَتْ نَعَمْ مَا لَهُ بُدٌ وَكَيْفَ لَهُ ... بِأَنْ يُخَالِفَ مَنْ أَنْشَاهُ مِنْ عَدَمِ

لَمَّا رَأَى إليأْسَ مِنْهُمْ رَدَّ مُكْتَئِبًا ... يَرنَّ أَرْنَانَ ذَاتِ الثُّكْلِ وَإليتُمِ

إِذَا فَاتَهُ مَا جَرَى مِنْهُ وَأَمَّلَهُ ... وَبَاءَ بِالْخِزْيِ وَالْخُذْلانِ وَالنَّدَمِ

وَانْقَادَ لِلذَّبْحِ إِسْمَاعِيلُ مُحْتَسِبًا ... لِحُكْمِ مَوْلاهُ يَمْشِي حَافِي الْقَدَمِ

فَبَيْنَمَا هُوَ مُنْقَادٌ لِسَيِّدِهِ ... مَا فِيهِ مِنْ جَزَعٍ كَلا وَلا سَئَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>