للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الله جَلَّ وَعَلا وتقدس: {ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} وَقَالَ تبارك وتَعَالَى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَإليةِ} وَقَالَ: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} الآيات.

وهذه هِيَ السعادة التي يكدح الْعَبْد ويسعى من أجلها ولَيْسَ له منها إِلا ما سعى كما قال جَلَّ وَعَلا وتقدس: {وَأَن لَيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} .

فكل جزء يفوته من العمر خَإليا من عمل صالح.

يفوته من السعادة بقدره ولا عوض له منه.

فالوَقْت لا يستدرك ولَيْسَ شي أعز منه وكل جزء يحصل له من العمر غير خال من الْعَمَل الصالح يتوصل به إلى ملك كبير لا يفني ولا قيمة لما يوصل إلى ذَلِكَ لأنه في غاية الشرف والنفاسة.

ولأجل هَذَا عظمت مراعاة السَّلَف الصالح رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لأنفاسهم ولحظاتهم وبادروا إلى اغتنام ساعاتهم وأوقاتهم ولم يضيعوا أعمارهم في البطالة والتقصير ولم يقنعوا لأنفسهم إِلا بالجد والتشمير فلله درهم ما أبصرهم بتصريف أوقاتهم.

تَبْغِي الْوُصُولَ بِسَيْرٍ فِيهِ تَقْصِيرُ ** لا شَكَّ أَنَّكَ فِيمَا رُمْتَ مَغْرُورُ

قَدْ سَارَ قَبْلَكَ أَبْطَالٌ فَمَا وَصِلُوا ** هَذَا وَفِي سَيْرِهِمْ جَدٌّ وَتَشْمِيرُ

قال بَعْضهمْ أدركت أقوما كَانُوا على ساعاتهم أشفق منكم على دنانيركم ودراهمكم فكما لا يخَرَجَ أحدكم دنيارًا ولا درهما إِلا فيما يعود نفعه عَلَيْهِ فكذالك السَّلَف لا يحبون أن تخَرَجَ ساعة بل ولا دقيقة من أعمارهم إِلا فيما يعود نفعه عَلَيْهمْ ضد ما عَلَيْهِ أَهْل هَذَا الزمان من قتل الوَقْت عَنْدَ المنكرات.

بَقيَّةُ الْعُمْرِ عِنْدِي مَا لَهُ ثَمَنٌ ... وَإِنْ غَدَا غَيْرَ مَحْسُوبٍ مِنَ الزَّمَنِ

يَسْتَدْرِكُ الْمَرْءُ فِيهَا مَا فَائِتَةٍ ... مِنَ الزَّمَانِ وَيَمْحُو السُّوءَ بِالْحَسَنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>