ثلاثًا فإن رَأَيْت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت. قال: نعم.
قال أنس: فكَانَ عَبْد اللهِ يحدث أنه بات معه تلك الثلاث الليإلى فلم يره يقوم من الليل شَيْئًا غير أنه إذا تعار تقلب على فراشه ذكر الله عَزَّ وَجَلَّ، وكبر حتى لصلاة الفجر.
قال عَبْد اللهِ: غير أني لم أسمعه يَقُولُ إِلا خيرًا، فَلَمَّا مضت الثلاث الليإلى، وكدت أن أحتقر عمله.
قُلْتُ: يا عَبْد اللهِ لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجرة ولكن سمعت رسول الله ع يَقُولُ لك ثلاث مرات: «يطلع عليكم الآن رجل من أَهْل الْجَنَّة» . فطلعت أَنْتَ الثلاث المرات، فأردت أن آوى إليك.
فَانْظُرْ ما عملك، فأقتدي بك، فلم أرك عملت كبير عمل، فما الَّذِي بلغ بك ما قَالَ رَسُولُ اللهِ ?؟
قال: ما هُوَ إِلا ما رَأَيْت، فَلَمَّا وليت دعاني فَقَالَ: ما هُوَ إِلا ما رَأَيْت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا أحسد أحدًا على خَيْر أعطاه الله إياه.
فَقَالَ عَبْد اللهِ: هذه التي بلغت بك. رواه أَحَمَد بإسناد على شرط البخاري ومسلم والنسائي. وَاللهُ أَعْلَمُ وصلى الله على مُحَمَّد وآله وسلم.
فَصْلٌ: عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ? بعث جيشًا فيهم رجل يُقَالُ له حدير. وكأَنْتَ تلك السنة قَدْ أصابتهم سنة من قلة الطعام، فزودهم رسول الله ونسي أن يزود حديرًا.
فخَرَجَ حدير صابرًا محتسبًا وَهُوَ في أخر الركب يَقُولُ: لا إله إِلا الله، والله أكبر، والحمد لله، وسبحان الله، ولا حول ولا قوة إِلا بِاللهِ. وَيَقُولُ: نعم الزَادَ هُوَ يا رب. فهو يرددها وَهُوَ في آخر الركب.