.. تَوَهَّمْتُ قَوْمًا قَدْ خَلَوْا فَكَأَنَّهُمْ ... بِأَجْمَعِهِمْ كَانُوا خَيَالاً تَخَيَّلا
وَلَسْتُ بِأَبْقَى مِنْهُمْ فِي دِيَارِهِمْ ... وَلَكِنَّ لِي فِيهَا كِتَابًا مُؤَجَّلا
وَمَا النَّاسُ إِلا مَيِّتٌ وَابْنُ مَيِّتٍ ... تَأَجَّلَ حَيٌّ مِنْهُمْ أَوْ تَعَجَّلا
وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ يُخْلِفُ وَعْدَهُ ... بِمَا كَانَ أَوْصَى الْمُرْسَلِينَ وَأَرْسَلا
هُوَ الْمَوْتُ يَا ابْنَ الْمَوْتِ وَالْبَعْثُ بَعْدَهُ ... فَمِنْ بَيْنِ مَبْعُوثٍ مُخِفًّا وَمُثْقَلا
وَمِنْ بَيْنِ مَسْحُوبٍ عَلَى حُرِّ وَجْهِهِ ... وَمِنْ بَيْنِ مَنْ يَأْتِي أَغَرَّ مُحَجَّلا
عَشِقْنَا مِنَ اللَّذَاتِ كُلَّ مُحَرَّمٍ ... فَأُفٍّ عَلَيْنَا مَا أَغَرَّ وَأَجْهَلا
رَكَنَّا إِلَى الدُّنْيَا فَطَالَ رُكُونُنَا ... وَلَسْنَا نَرَ الدُّنْيَا عَلَى ذَاكَ مَنْزِلا
لَقَدْ كَانَ أَقْوَامٌ مِنَ النَّاسِ قَبْلَنَا ... يَعافُونَ مِنْهُنَّ الْحَلالَ الْمُحَلَّلا
فَلِلَّهِ دَارٌ مَا أَحَثَّ رَحِيلُهَا ... وَمَا أَعْرَضَ الآمَالَ فِيهَا وَأَطوَلا
أَبَى الْمَرْءُ إِلا أَنْ يَطُولَ اغْتِرَارُهُ ... وَتَأْبَى بِهِ الْحَالاتُ إِلا تَنَقُّلا
إِذَا أَمَّلَ الإِنْسَانُ أَمْرًا فَنَالَهُ ... فَمَا يَبْتَغِي فَوْقَ الَّذِي كَانَ أَمَّلا
وَكَمْ مِنْ ذَليلٍ عَزَّ مِنْ بَعْدِ ذِلَّةٍ ... وَكَمْ مِنْ رَفِيعٍ كَانَ قَدْ صَارَ أَسْفَلا
وَلَمْ أَرَ إِلا مُسْلِمًا فِي وَفَاتِهِ ... وَإِنْ أَكْثَرَ الْبَاكِي عَلَيْهِ وَأَعْوَلا
وَكَمْ مِنْ عَظِيمِ الشَّأْنِ فِي قَعْرِ حُفْرَةٍ ... تَلَحَّفَ فِيهَا بِالثَّرَى وَتَسَرْبَلا
أَيَا صَاحِبَ الدُّنْيَا وَثِقْتَ بِمَنْزِلٍ ... تَرَى الْمَوتَ فِيهِ بِالْعِبَادِ مُوَكَّلا
تُنَافِسُ فِي الدُّنْيَا لِتَبْلُغَ عِزَّهَا ... وَلَسْتَ تَنَالُ العِزَّ حَتَّى تَذَلَّلا
إِذَا اصْطَحَبَ الأَقْوَامُ كَانَ أَذَلُّهُمْ ... لأَصْحَابِهِ نَفْسًا أَبَرَّ وَأَفْضَلا
وَمَا الْفَضْلُ فِي أَنْ يُؤْثِرَ الْمَرْءُ نَفْسَهُ ... وَلَكِنَّ فَضْلَ الْمَرْءِ أَنْ يَتَفَضَّلا
آخر: ... يَا أَيُّهَا الْمُغْتَرُّ بِاللهِ ... فِرَّ مِنَ اللهِ إِلَى اللهِ
وَلُذْ بِهِ وَاسْأَلْهُ مِنْ فَضْلِهِ ... فَقَدْ نَجَا مَنْ لاذَ اللهِ
وَقُمْ لَهُ وَاللَّيْلُ فِي جنْحِهِ ... فَحَبَّذَا مَنْ قَامَ للهِ