أنَّ حُبَّ الدُّنْيَا، وَالتَّعَلُّقَ بِهَا هُوَ الذِي أَنْسَانَا، وَأَلْهَانَا عَنْ تَذَكُّر الْجِهَادِ، وَالْحَثِّ عَلَيْهِ وَتَمَنِّيَهِ، وَبَذْلِ النَّفِيسِ فِيمَا يُقَرّبُ إِلَيْهِ، نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُوقِظَ قُلُوبَنَا، وَيُوَفِّقَنَا لِسُلُوكِ سَبِيلِ سَلَفِنَا. لِنُقيمَ عَلَمَ الْجِهَادِ، وَيَجْعَلْنَا مِنْ أَنْصَارِ دِينِهِ، وَحِزْبِهِ الْمُفْلِحِينَ وَأَنْ يَغْفِرَ لَنَا وَلِوالدينَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ منْهُم والْمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
(فَصْلٌ) وَقَدْ وَرَدَ في فَضْلِ الْجِهَادِ، وَالْحَثِّ عَلَيْهِ، وَبَيَانِ عَظِيمِ ثَوَابِهِ، آيَاتٌ وَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، نَذْكُرُ طَرَفًا مِنْهَا إِنْ شَاءَ اللهِ تَعَالى.
فَمِنَ الآيَاتِ قَوْلُهُ تَعَالى: {إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} فَفِي هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ ترغيبٌ في الْجِهَادِ على أَبْلَغِ وَجْهٍ، وَأَحْسَنِ صُورَةٍ. قَالَ ابنُ القَيَّمِ رحمه اللهُ على هذه الآية: فجعلَ سبحانَهُ ها هُنَا الجنَةَ ثَمَنًا لِنفُوسِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَمْوَالِهِمْ، إِذَا بَذَلُوهَا فِيهِ اسْتَحَقُّوا الثَّمَنَ، وَعَقَدَ مَعهمْ هَذَا العَقْدَ، وَأَكَّدَهُ بِأَنْوَاعٍ مِنْ التَّأْكِيدَاتِ.
١- أَوَّلاً: إِخْبَارُهُمْ بصِيغَةِ الْخَبَرِ الْمؤَكَّدِ بأداةً إِنَّ.
٢- ثَانِيًا: الإِخْبَارُ بذلِكَ بِصَيْغَةِ الْمَاضِي الذي وَقَعَ وَثَبَتَ وَاسْتَقَرَّ.
٣- ثَالِثًا: إِضَافةُ هذا العَقْدِ إلى نَفْسِهِ سُبْحَانَه، وَأَنَّهُ هو الذي اشْتَرَى هَذَا الْمَبِيعَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute