لَمْ يَبْقَ مِمَّا مَضَى إِلا تَوَهُّمُهُ
كَأَنَّ مَنْ قَدْ مَضَى بِالأَمْسِ لَمْ يَكُنِ
وَإِنَّمَا الْمَرءُ فِي الدُّنْيَا بِسَاعَتِهِ
سَائِلْ بِذلِكَ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالزَمَنِ
مَا أَوْضَحَ الأَمْرَ لِلْمُلْقِي بِعِبرَتِهِ
بَيْنَ التَّفَكُّرِ وَالتَّجْرِيبِ وَالفِطَنِ
أَلَسْتَ يَا ذَا تَرَى الدُّنْيَا مُوَلِّيَةً
فَمَا يَغُرُّكَ فِيهَا مِنْ هَنٍ وَهَنِ
لأَعْجَبَنَّ وَأَنَّى يَنْقَضِي عَجَبِي
النَّاسُ فِي غَفْلَةٍ وَالْمَوتُ في سَنَنِ
وَظَاعِنٍ مِنْ بَيَاضِ الرَّيطِ كِسْوَتُهُ
مُطَيَّبٍ لِلْمَنايَا غَيْرِ مُدَّهِنِ
غَادَرْتُهُ بَعْدَ تَشْيِيعَيهِ مُنْجَدِلاً في
قُرْبِ دَارٍ وَفي بُعْدٍ مِنَ الوَطَنِ
لا يَسْتَطيعُ اِنْتِقَاصًا في مَحَلَّتِهِ
مِنَ القَبِيحِ وَلا يَزْدَادُ في الْحَسَنِ
مَا بَالُ قَوْمٍ وَقَدْ صَحَّتْ عُقُولُهُم
فِيمَا ادَّعَوا يَشْتَرُونَ الغَيَّ بِالثَمَنِ
لِتَجْذِبَنّي يَدُ الدُّنْيَا بِقُوَّتِها
إِلى الْمَنَايَا وَإِنْ نَازَعْتُهَا رَسَنِي
وَأَيُّ يَوْمٍ لِمَنْ وَافَى مَنِيَّتَهُ