طَالِبٍ فَبَارَزَ عُبَيْدَةُ عُتْبَةَ، وَبَارَزَ حَمْزَةُ شَيْبَةَ، وَبَارَزَ عَلِيٌّ الوَلِيدَ، فَأَمَّا حَمْزَةُ وَعَلِيٌّ فَلَمْ يَلْبَثْ كُلٌ مِنْهُمَا أَنْ قَتَلَ صَاحِبَهُ، وَأَمَّا عُبَيْدَةُ وَعُتْبَةُ فَقَدْ اخْتَلَفَا فِيمَا بَيْنَهُمَا ضَرْبَتَيْن، فَوَقَعَ كِلاهُمَا عَلَى الأَرْضِ، فَكَرَّ حَمْزَةُ وَعَلِيٌّ بَأسْيَافِهِمَا عَلَى عُتْبَةَ، فَذَفَّفَا عَلَيْهِ، وَحَمَلا عُبَيْدَةَ فَجَاءا بِهِ إِلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ قُطِعَتْ سَاقُهُ، وَجَعَلَ مُخُهَا يَسِيل، فَأَفْرَشَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدمَهُ الشَّرِيفَة، وَبَشَّرَهُ بِالشَّهَادَةِ، وَهُنَا حَمِيَ الْمُشْرِكُون، وَهَجَمُوا عَلَى صُفُوفِ الْمُسْلِمِينَ، هُجُومَ السَّيْلِ الْجَارِفِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْسِرُوا هَجَمَاتِهِمْ بِالنَّبْلِ، وَهُمْ مُرَابِطُونَ فِي أَمَاكِنِهم، فَلَمَّا أَوْشَكَ الصَّفَانِ، أَنْ يَتَلاحَمَا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْمِلُوا عَلَيْهِمْ وَنَادَى قَائِلاً: «وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يُقَاتِلُهُمْ اليَوْمَ رَجُلٌ فَيُقْتَلُ صَابِرًا مُحْتِسَبًا مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ إِلا أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ» . فَهَجَمَ الْمُسْلِمُونَ بِقُلُوبٍ مِلْؤُهَا الإِيمَانُ بِالْحَقِّ، وَالرَّغْبَةُ فِي الشَّهَادَةِ، وَالطَّمَعُ في ثَوَابِ اللهِ، وَجَعَلُوا أَهْدَافَهُمْ رُؤوسَ الكَفَرَةِ، يَتَصَيَّدُونَهُمْ وَسَطَ الْجُمُوعِ الزَّاحِفَة، ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَلَيْهِمْ كَالصَّوَاعِقِ، وَهُمْ يَتَصَايَحُونَ تَصَائِحَ الأُسُودِ: يَا مَنْصُورُ أَمِتْ أَمِتْ.
ثُمَّ حَمِيَ الوَطِيسُ وَاسْتَدَارَتْ رَحَى الْحَرْبِ، وَاشْتَدَّ القِتَالُ، وَهَانَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْحَيَاةُ، وَلَذَّتْ لَهُمْ الشَّهَادَةُ، وَاسْتَعْجَلُوا الْمَوْتَ فِي سَبِيلِهَا، حَتَّى إِنَّ عُمَيْرَ بنَ الْحُمَامِ لِيَصِيحُ مِنْ فَرْطِ سُرُورِهِ وَيَقُولُ: بَخٍ بَخٍ أَفَمَا بَيْنِي وَبَيْنَ الْجَنَّةِ إِلا أَنْ يَقْتُلَنِي هَؤُلاءِ؟ ثُمَّ يَرْمِي مِنْ يَدِهِ تَمَرَاتٍ كَانَ يَأكُلُ مِنْهَا، وَيَقُولُ: لَئِنْ أَنَا حَيَيْتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute