للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَوْتِ، فَانْقَضَّ الْمُسْلِمُونَ يَأسِرُونَ وَيَهْزِمُونَ وَيَغْنِمُونَ، وَلَمَا وَضَعَ الْقَوْمُ أَيْدِيهُمْ يَأْسِرُونَ، نَظَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلى سَعْدِ بن مُعَاذٍ، فَرَأَى في وَجْهِهِ الكَرَاهَةَ لِمَا يَصْنَعُونَ، فَقَالَ: «لَكَأَنَّكَ يَا سَعْدُ تَكْرَهُ مَا يَصْنَعُ القَوْمُ» ؟ فَقَالَ: أَجَلْ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، كَانَتْ أَوَّلَ وَقْعَة أَوْقَعَهَا اللهُ بأَهْلِ الشِّرْكِ، فَكَانَ الإثْخَانُ في القَتْلِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ اسْتِبْقَاءِ الرِّجَالِ، وَهَكَذَا تَصَدَّعَتْ جُمُوعُ الشِّرْكِ، أَمَامَ قُوَّةِ الإِيمَانِ باللهِ وَرَسُولِهِ وَانْجَلَتِ الْمَعْرَكَةُ عَنْ سَبْعِينَ قَتِيلاَ وَسَبْعِينَ أَسِيرَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ كُلَّ مَا خَلَّفَ الْمُشْرِكُونَ وَرَاءَهُمْ، مِنْ زَادٍ وَعَتَادٍ، أَمَّا الذِينَ فَازُا بِالشَّهَادَةِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَكَانُوا أَرْبَعَةَ عَشَرَ، فَبَدَأَتِ الْمَعْرَكَةُ في الصَّبَاحِ، وانْتَهَتْ في عَصْرِ ذَلِكَ الْيَومِ الذِي هُوَ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ رَمَضَانَ مِن السَّنةِ الثانِيةِ لِلْهِجْرَةِ، ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُدْفَنَ الشُّهَدَاءُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، وأَنْ يُوَارَيَ الْقَتْلَى مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي قَلِيبٍ هُنَاكَ مَهْجُورَة، فَلَمَّا وُضِعُوا فِي الْقَلِيبِ، وَقَفَ عَلَيْهِم رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا أَهْلَ الْقَلِيبِ، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رِبِّي حَقًّا» . فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللهِ ما تُخَاطِبُ مِنْ أَقْوَامٍ قَدْ جَيَّفُوا. فَقَالَ: «وَالذِي نَفْسِي بَيَدِهِ مَا أَنْتُمْ بَأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ لا يَسْتَطِيعُونَ الْجَوَاب» .

وَرَوَى الْبُخَارِيّ في الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: إِنِّي لَفِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ، إِذْ الْتَفْتُ فإِذا عَنْ يَمِينِي وَعَنْ يَسَارِي فَتَيَانِ حَدِيثَا السِّنِ، فَكَأَنِّي لَمْ آمَنْ بِمَكَانِهِمَا إذْ قَالَ لِي أَحَدُهُمَا سِرًّا مِنْ صَاحِبه: يَا عَمُّ، أَرِنِي أَبَا جَهْلٍ، فَقُلْتُ: يَا ابْنَ أَخِي فَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>