تُهَنِئُونَنَا بِهِ، فَوَاللهِ إِنْ لَقِينَا إِلا عَجَائِزًا صُلْعًا، كَالْبُدُنِ الْمُعَقَلةٍ فَنَحَرْنَاهَا، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «أَيّ ابن أَخِي أُولَئِكَ الْمَلا» . أَيْ هُمُ الأَشْرَافُ وَالسَّادَةُ الذِينَ لا يُسْتَهَانُ بِبَلائِهِم في الْقِتَالِ، وَلا بِمَكَانِهِمْ فِي الْقَوْمِ وَقَدْ أَخَذَ هَذَا الْمَعْنَى أَبُوا الطِّيبِ فَقَالَ:
وَمَا عَدِمَ اللاقُوكَ بَأْسًا وَشِدَّةً
وَلَكِنَّ مَنْ لاقَوْا أَشَدُّ وَأَنْجَبُ
وَرَوَى ابنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ أَنَّ عَاتِكَةَ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَأَتْ فِي مَنَامِهَا وَقَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ قُرَيْشٌ بِثَلاثِ لَيَالٍ - أَنَّ رَاكِبًا أَقْبَلَ عَلَى بَعِيرٍ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى قُرَيْشِ، ثُمَّ صَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا آل غُدَر، انْفُروا إِلى مَصَارِعِكُم فِي ثَلاثٍ، وَظَلَّ يُكَرِّرُهَا هُنَا وَهُنَاكَ، وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَخَذَ صَخْرَةَ فَرَمَى بِهَا مِنْ أَعْلَى الْجَبَلِ فَأَقْبَلَتْ تَهْوِي، حَتَّى إِذَا كَانَتْ بِأَسْفَلِهِ، تَنَاثَرَتْ أَجْزَاؤُهَا فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ، فَمَا بَقِيَ بَيْتٌ وَلا دَارٌ بِمَكَّةَ إِلا دَخَلَتْهُ مِنْهَا فِلْقَةٌ، وَبَعْدَ ثَلاثٍ مِنْ هَذِهِ الرُّؤْيَا جَاءَ رَسُولُ أَبِي سُفْيَانَ يَصِيحُ بِالْقَوْمِ، وَيَسْتَفِزُّهُمْ لِيُنْقِذُوا عِيرَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ.
وَرُوِيَ أَنَّ جُهَيْمَ بن الصَّلْتِ رَأَى وَهُمْ فِي طَرِيقهِمْ إِلى بَدْرٍ - كَأَنَ رَاكِبًا أَقْبَلَ عَلَى فَرَسِهِ، وَمَعَهُ بَعِيرٌ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ: قُتِلَ فُلانٌ وَفُلانٌ، وَأُسِرَ فُلانٌ وَفُلانٌ، لِرجَالٍ سَمَّاهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ ضَرَبَ بِخَنْجَرِهِ فِي لَبَّةِ بَعِيرِهِ، وَأَرْسَلَهُ فِي الْعَسْكَرِ، فَمَا بَقِيَ خِبَاءٌ مِنْ أَخِبيْتَهِم إلا أَصَابَهُ مِنْ دَمِه.
وَرَوَى الْوَاقِدِي أَنَّ ضَمْضَمَ بن عَمْرو جَاءَ إِلى الْحَارِثِ بِنْ عَامِرٍ، فَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute