تُفَاجِئَ الْمُسْلِمِينَ فِي عَقْرِ دَارِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَسْتَعِدُّوا فَإِنْ أَخْفَقُوا فِي هَذِهِ الْخُطَّةِ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ مُفَاجَأَةُ الْمُسْلِمِينَ وَعَلِمَ الْمُسْلِمُونَ بِخُرُوجِهِمْ، وَاسْتَعَدُّوا لَهُمْ فَالْخُطَّةُ الثَّانِيَةُ هِيَ التَّخْذِيلُ وَالإِرْجَافُ وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ صُفُوفِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ اللَّقَاءِ فَإِنْ أَخْفَقَتْ هَذِهِ الْخُطَّةُ وَلَمْ يَنْجَحُوا فِيهَا، فَالْخُطَّةُ الثَّالِثَةِ هِيَ الْفَتْكُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ بِرُؤوسِ أَصْحَابِهِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ، كَمَا فَتَكَ الْمُسْلِمُونَ بِرُؤوسِهِمْ في وَقْعَةِ بَدْرٍ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَمَتْ قُرَيْشٌ أَمْرَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَخَرَجَتْ تَوَاصُلِ السَّيْرِ فِي سِرٍّ حَتَّى نَزَلَتْ بِوَادِي أُحُد، عَلَى أَقَلَّ مِنْ فَرْسَخٍ مِن الْمَدِينَةِ، وَلَكِنْ مِنْ لُطْفِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ بِرَسُولِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ، أَنَّ الْعَبَّاسَ بنَ عَبْدِ الْمُطَّلبِ كَتَبَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا أَخْبَرَهُ فِيهِ بِمَخْرَجِ قُرَيْشٍ هَذَا، وَبِمَا أَعَدَّتْ لَهُ مِن الرِّجَالِ وَالْعَتَادِ، وَبَعَثَ بِكِتَابِهِ هَذَا مَعَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي غَفَّارٍ، فَوَاصَل السَّيْر بِهِ حَتَّى بَلَغَ الْمَدِينَةَ فِي ثَلاثِ لَيَالٍ، فَلَمَّا بَلَغَهَا عَلِمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُبَاءٍ فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ فَسَلَّمَهُ الْكِتَابَ، فَدَفَعَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلى أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِ، فَاسْتَكْتمهُ الْخَبَرَ، ثُمَّ دَخَلَ سَعْدِ بن الرَّبِيعِ، فَأَخْبَرَهُ خَبَرَ الْكِتَابِ فَقَالَ سَعْدُ: وَاللهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ خَيْرًا، وَأُرْجِفَ الْيَهُودُ وَالْمُنَافِقُونَ بِأَمْرِ الْكِتَابِ، فَشَاعَ الْخَبَرُ بَيْنَ النَّاسِ، وَهَذَا مَا كَانَتْ تَخْشَاهُ قُرَيْشٌ.
رَوَى الْوَاقِدِيُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بن عَمْرو بن أَبِي حَكِيمَةَ الأَسْلَمِي قَالَ: لَمَّا أَصْبَحَ أَبُو سُفْيَانَ قَالَ: أَحْلِفُ بِاللهِ أَنَّهُمْ جَاءُوا مُحَمَّدًا فَخَبَّرُوهُ مَسِيرَنَا وَحَذَّرُوهُ، وَأَخْبَرُوهُ بِعَدَدِنَا، فَهُمُ الآنَ يَلْزَمُونَ صِيَاصِيَّهُمْ، فَمَا أَنْ نُصِيبُ مِنْهُمْ شَيْئًا فِي وَجْهِنَا، فَقَالَ صَفْوَانٌ: إِنْ لَمْ يُصْحِرُوا لَنَا عَمَدْنَا إِلى نَخْلِ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ فَقَطَعْنَاهُ، فَتَرَكْنَاهُمْ وَلا أَمْوَالَ لَهُم فلا يَجْتَبِرُونَهَا أَبَدًا، وَإِنْ أَصْحَرُوا لَنَا فَعَدَدُنَا أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِهِم، وَسِلاحُنَا أَكْثَرُ مِنْ سِلاحِهِمْ، وَلَنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute