للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ ? فَلَمَّا كَانَ الْعَصْرُ كَانَ النَّاسُ قَدْ تَجَمَّعُوا وَاحْتَشَدُوا فَصَلَّى بِهِمْ صَلاةَ الْعَصْرِ وَأَمَرَ أَنْ يُرْفَعَ النِّسَاءُ وَالأَوْلادُ فِي الآطَامِ وَالْحُصُونِ، ثُمَّ دَخَلَ بَيْتَهُ لِيَلْبَسَ لامَتَهُ، وَالنَّاسُ فِي خَارِجِ الْبَيْتِ يَتَنَاقَشُونَ وَيَتَجَادَلُونَ فِي أَمْرِهِمْ، وَلا يَزَالُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ الْبَقاَءَ هُوَ الأَصْوَبُ، وَأَنَّ النَّاسَ قَدْ اسْتَكْرَهُوا رَسُولَ اللهِ ? عَلَى الْخُرُوجِ فَعَزَمَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَارِهٌ لَهُ.

وَجَاءَ سَعْدُ بن مُعَاذٍ وَأُسَيْدُ بن حُضَيْرٍ فَقَالا: قُلْتُمْ لِرَسُولِ اللهِ ? مَا قُلْتُمْ، وَاسْتَكْرَهْتُمُوهُ عَلَى الْخُرُوجِ وَالأَمْرُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ، فَرَدُّوا الأَمْرَ إِلَيْهِ! فَمَا أَمَرَكُمْ فَافْعَلُوهُ، وَمَا رَأَيْتُمْ لَهُ فِيهِ هَوَى أَوْ رَأْيًا فَأَطِيعُوهُ.

فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ وَقَدْ لَبِسَ لامَةَ الْحَرْبِ، فَقَالَ الذِينَ كَانُوا يُلِحُّونَ فِي الْخُرُوجِ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُخَالِفَكَ، فَاصْنَعْ مَا بَدَالَكَ فَقَالَ: «قَدْ دَعَوْتَكُمْ إِلى هَذَا الْحَدِيثِ فَأَبَيْتُمْ، وَلا يَنْبَغِي لِنَبِيّ إِذَا لَبِسَ لامَتَهُ أَنْ يَضَعَهَا حَتَّى يَحْكُمُ اللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَعْدَائِهِ.

انْظُرُوا مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَاتَّبِعُوهُ، وَامْضُوا عَلَى اسْمِ اللهِ، فَلَكُمُ النَّصْرُ مَا صَبَرْتُمْ» .

وَعَقَدَ ثَلاثَةَ أَلْوِيَةٍ: لِوَاءٌ بِيَدِ أُسَيْدِ بن حُضَيْرٍ، وَلِوَاءٌ لِلْمُهَاجِرِينَ بِيَدِ مُصْعَبِ بن عُمَيْرٍ، وَقِيلَ: بِيَدِ عَلَيِّ بن أَبِي طَالِبٍ، وَدَفَعَ لِوَاءَ الْخَزْرَجِ، بِيَدِ الْحُبَابِ بن الْمُنْذِرِ.

وَقِيلَ: بِيَدِ سَعْدِ بن عُبَادَةَ، ثُمَّ دَعَا بِفَرَسِهِ، فَرَكِبَهُ وَخَرَجَ فِي أَلْفٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>