مِنْ الإِثْمِ إِذَا اتَّصَلْتُمْ بِهِ لاسِيَّمَا وَقَدْ كَثُرَ مَنْ لا تُؤْمَنُ شُرُورُهُ وَأَضْرَارُهُ وَمَفَاسِدُهُ وَاحْرَصُوا عَلَى غَضِّ أَبْصَارِكُمْ فَإِنَّكُمْ إِنْ أَطْلَقْتُمْ لَهَا الْعِنَانِ رَأَيْتُمْ مِنَ الْبَلايَا مَالا يُحْصِيهِ الْعَدُّ وَلا يَأْتِي عَلَيْهِ الْبَيَانُ تَرَوْنَ النِّسَاءَ فِي حَالَةٍ تُؤْلِمُ قَلْبَ كُلِّ مُؤْمِنٍ ذِي مُرُوءَةِ وَشِيمَةٍ وَغَيْرَةٍ دِينِيَّةٍ وَتَرَوْنَ الْغِشَّ السَّائِدَ فِي كُلِّ الْمُعَامَلاتِ بِدَرَجَةٍ قَلَّ أَنْ يَنْجُو مِنْهَا أَذْكَى النَّاسِ وَأَيْقَظُهُمْ وَأَقْوَاهُمْ فِرَاسَةً وَتَرَى الدُّخَانَ عَنْ يَمِينِكَ وَيَسَارِكَ تُؤْذِيكَ رَائِحَتُهُ الْكَرِيهَة وَتَرَى حَلاقِي اللَّحَى وَمُصَلِّحِي التَّوَالَيْتَاتِ وَالْخَنَافِسِ وَتَرَى النِّسَاءَ تَرْكَبُ مَعَ أَيِّ وَاحِدٍ بُدُون مَحْرَمٍ وَتَدْخُلُ عَلَى الْخَيَّاطِ يَقِيسُ عَلَيْهَا وَتَرْوَنَ الْكَثِيرَ مِنَ النَّاسِ لا يُعَرِّجُونَ عَلَى الْمَسَاجِدِ أَوْقَاتِ الصَّلاةِ وَتَرَوْنَ الْمُجَاهِرِينَ بِالْمَعَاصِي يَدُورُونَ فِي الأَسْوَاقِ لَيْسَ لَهُمْ شُغْلٌ إِلا مَا يُحْزِنُ قَلْبَ كُلِّ غَيورٍ لِدِينِهِ وَتَرَاهُمْ نَبَذُوا كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَأَقْبَلُوا عَلَى الْمَلاهِي وَالْمُنْكَرَاتِ إِقْبَالاً فَوْقَ مَا يَتَصَوَّرُهُ الْعَاقِلُ اللَّبِيبُ وَتَرَاهُمْ إِذَا قَضَوْا مَآرَبَهُمْ مِنْ كُتُبِ تَحْتَوِي عَلَى الدِّينِ وَغَيْرِهِ فِيهَا آيَاتٌ وَأَحَادِيثٌ أَلْقَوْهَا فِي الأَسْوَاقِ وَالْمَزَابِل مَعَ الْقُمَامِ وَكَذَلِكَ بَاقِي النِّعَمِ تَجِدْهَا مُلْقَاةً مَعَ الْقَاذُورَاتِ وَتَرَاهُمْ دَائِمًا فِي مُطَالِعَةِ الْجَرَائِدِ وَالْمَجَلاتِ وَلَوْ نَاوَلْتَ أَحْدَهُمْ مُصْحَفًا أَوْ الْبُخَارِي أَوْ مُسْلِمًا يَقْرَأُ شَيْئًا مِنْهُ لَسَارَعَ إِلى الضَّحِكِ أَوِ النَّوْمِ وَاسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ كَأَنَّكَ نَاوَلْتَهُ مَا يُذْهِبُ الْعُقُولَ وَيُرْقِدُ الأَبْدَانَ وَتَرَاهُ يَسْهَرَ كُلَّ لَيْلِهِ فِي صُنُوفِ الْمَعَاصِي وَعِنْدَ الْمَلاهِي لَكِنْ يَثْقُلُ عَلَيْهِ جَدًا أَنْ يَسْهَرَ سَاعَةً فِي طَاعَةً مَوْلاهُ وَتَرَاهُمْ أَمَامَ التَّلَفْزِيُونِ مُقَابِلِينَ لَهُ وَمُقْبِلِينَ بِقُلُوبِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأَسْمَاعِهِمْ وَلَوْ نُودِيَ أَحَدُهُمْ لَشَتَمَ الْمُنَادِي وَسَبَّهُ بَلْ رُبَّمَا لَعَنَهُ وَقَذَفَهُ خَوْفًا مِنْ فَوَاتَ مَا يَظْهَرُ فِيهِ مِنْ مُنْكَرَاتٍ مِنْ نِسَاءٍ سَافِرَاتٍ وَتَمْثِيلِيَّاتٍ خَلِيعَةٍ وَأَغَانِي مُهَيَّجةٍ لِلْفَسَادِ وَنَحْو ذَلِكَ تَمُرُّ السَّاعَاتُ لا يَمُلُّونَ بَلْ هُمْ مُرْتَاحُونَ لَهُ وَأَمَّا أَمَامَ رَبِّ الْعَالَمِينَ الذِي خَلَقَهُمْ وَرَزَقَهُمْ فَعَشَرُ الدَّقَائِقِ الَّتِي يَقِفُونَهَا فِي الصَّلاةِ أَثْقَلُ مِنْ رَضْوَى وَأُحُدٍ وَيَتَسَابَقُونَ إِلى الذِي يَمُرُّهَا مَرَّ السَّحَابِ وَإِذَا تَأَخَّرَ الإِمَامُ وَلَوْ دَقِيقَةً رَأَيْتَهُمْ يَتَلَفَتُونَ وَيَبْحَثُونَ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا أَكْثَرُوا مِن الاسْتِغْفَارِ وَالْحَوْقَلَةِ وَالتَّهْلِيلِ لِيُفْهِمُوهُ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُعَجِّلَ فَيُصَلِّى كَأَنَ عَلَى رُؤُوسِهِمْ حِمْلاً أَوْ عَلَى أَظْهُرِهِمْ حَتَّى الذِي يَتَأَخَّرُ بَعْدَ الصَّلاةِ وَيَقْعُدُ يَتَكَلَّمَ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا الْمَنْهِيّ عَنْهُ فِي الْمَسْجِدِ وَهَذِهِ حَالَةٌ وَاللهِ يُرْثَى لَهَا قَالَ ابن القيم:
يَا نَاصِرَ الإِسلاَمِ وَالسُّنَنِ الَّتِي
جَاءَتْ عَنِ الْمَبعُوثِ بالْفُرقَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute