قَدْ أَعْرَضُوا عَنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ اسْتِهْزَاءً بِأَهْلِهِمَا وَاسْتِحْقَارًا، وَأَبَوا أَنْ يَنْقَادُوا لِحُكْمِ الْوَحْيَيْنِ فَرَحًا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ الذِي لا يَنْفَعُ الاسْتِكْثَارُ مِنْهُ إِلا شَرًّا وَاسْتِكْبَارًا فَتَرَاهُمْ أَبَدًا بِالْمُتَمَسِّكِينَ بِصَرِيح الْوَحْيِ يَسْتَهْزِئُونَ {اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} .
خَرَجُوا فِي طَلَبِ التِّجَارَةِ الْبَائِرَةِ فِي بِحَارِ الظُّلُمَاتِ، فَرَكِبُوا مَرَاكِبَ الشُّبَه وَالشُّكُوكِ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجِ الْخَيَالاتِ، فَلَعِبَتْ بِسُفُنِهِمْ الرِّيحُ الْعَاصِفُ؛ فَأَلْقَتْهَا بَيْنَ سُفن الْهَالِكِينَ {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ} .
أَضَاءَتْ لَهُمْ نَارُ الإِيمَانِ فَأَبْصِرُوا فِي ضَوْئِهَا مَوَاقِعَ الْهُدَى وَالضَّلالِ ثُمَّ طَفِئَ ذَلِكَ النُّورِ، وَبَقِيتْ نَارًا تَتَأَجَّجُ ذَاتَ لَهَبٍ وَاشْتِعَال، فَهُمْ بِتَلْكَ النَّارِ مُعَذبُون، وَفِي تِلْكَ الظُّلُمَاتِ يَعْمَهُونَ {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ} .
أَسْمَاعُ قُلُوبِهم قَدْ أثْقَلَهَا الْوَقْرُ، فَهِيَ لا تَسْمَعُ مُنَادِي الإِيمَان، وَعُيونُ بَصَائِرِهم عليها غِشَاوَةُ الْعَمَى، فَهِي لا تُبْصِرُ حَقَائِقُ الْقُرْآنِ، وَأَلْسِنَتُهم بِهَا خَرَسٌ عَنْ الْحَقِّ، فَهُمْ بِهِ لا يَنْطِقُونَ {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ} .
صَابَ عَلَيْهِم صَيِّبُ الْوَحْي، وَفِيهِ حَيَاةُ الْقُلُوبِ وَالأَرْوَاحِ، فَلَمْ يَسْمَعُوا مِنْهُ إِلا رَعْد التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ وَالتَّكَالِيفِ الَّتِي وُظِّفَتْ عَلَيْهم فِي الْمَسَاءِ وَالصَّبَاحِ، فَجَعَلُوا أَصَابِعَهُم فِي آذَانِهِمْ، وَاسْتَغْشَوا ثِيَابَهُمْ، وَجَدُّوا فِي الْهَرَبِ، وَالطَّلَبُ فِي آثَارِهِمْ وَالصِّيَاحُ، فَنُودِي عَلَيْهِمْ عَلَى رُؤوسِ الأَشْهَادِ، وَكُشِفَتْ حَالُهمْ لِلْمُسْتَبْصِرينَ، وَضَربَ لَهُمْ مَثَلانِ بِحَسَب حَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute