للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ كَلامِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فلا تَحْتَاجُ بَعْدَهُ دَلِيلاً: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} .

يُعْجبُ السَّامِعَ قَوْلُ أَحَدِهِمْ لِحَلاوَتِهِ وَلِيْنِه، وَيُشْهِدُ اللهُ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ مِنْ كَذبِهِ وَمَيْنِه، فَتَرَاهُ عِنْدَ الْحَقِّ نَائِمًا، وَفِي الْبَاطِل عَلَى الأَقْدَامِ فَخُذْ وَصْفَهُمْ مِنْ قَوْلِ الْقُدُّوسِ السَّلامِ: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} .

أَوَامِرُهُم الَّتِي يَأْمُرونَ بِهَا أَتْبَاعَهُم مُتَضَمِّنَةٌ لِفَسَادِ الْبِلادِ والْعِبَادِ، وَنَوَاهِيهم عَمَّا فِيهِ صَلاحُهم فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ، وَأَحَدُهُمْ تَلْقَاهُ بَيْنَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الإِيمَانِ فِي الصَّلاةِ وَالذِّكْرِ وَالزُّهْدِ وَالاجْتِهَادِ {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ} .

فَهُم جِنْسُ بَعْضُه يُشْبِهُ بَعْضَا، يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ بَعْدَ أَنْ يَفْعَلُوه، وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ بَعْدَ أَنْ يَتْرُكُوه، وَيَبْخَلُون بِالْمَالِ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَرْضَاتِهِ أَنْ يُنْفِقُوهُ، كَمْ ذَكَّرَهُمْ اللهُ بِنِعمِهِ فَأَعْرَضُوا عَنْ ذِكْرِهِ وَنَسُوهُ؟ وَكَمْ كَشَفَ حَالَهُم لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَجْتَنِبُوه؟ فَاسْمَعُوا أَيُّهَا الْمُؤمِنِينَ: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} .

إِنْ حَاكَمْتَهُم إِلى صَرِيحِ الْوَحْي وَجَدْتَهُم عَنْهُ نَافِرِينَ، وَإِنْ دَعَوْتَهُمْ إِلى حُكْمِ كِتَابِ اللهِ وَسُنّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم رَأَيْتَهُمْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ فَلَوْ شَهِدْتَ حَقَائِقَهُم لَرَأَيْتَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْهُدَى أَمَدًا بَعِيدًا، وَرَأَيْتَهَا مُعْرِضَةً عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>