للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِقْعَادِهِمْ، وَطَرْدِهم عَنْ بَابِهِ وَإِبْعَادِهِمْ، وَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ لُطْفِهِ بِأَوْلِيَائِهِ وَإِسْعَادِهِمْ، فَقَالَ وُهَوُ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ: {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} .

ثَقُلَتْ عَلَيْهِمْ النُّصُوصُ فَكَرِهُوهَا، وَأَعْيَاهُمْ حَمْلُهَا فَأَلْقُوهَا عَنْ أَكْتَافِهِمْ وَوَضَعُوهَا، وَتَفَلَتَتْ مِنْهُمْ السُّنَنُ أَنْ يَحْفَظُوهَا فَأَهْمَلُوهَا، وَصَالَتْ عَلَيْهِمْ نُصُوصُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةِ فَوَضَعُوا لَهَا قَوَانِينَ رَدُّوهَا بِهَا وَدَفَعُوهَا، وَلَقَدْ هَتَكَ اللهُ أَسْتَارَهُم، وَكَشَفَ أَسْرَارَهُم، وَضَرَبَ لِعَبَادِهِ أَمْثَالَهُمْ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ كُلَّمَا انْقَرَضَ مِنْهُمْ طَوَائِفُ خَلفَهم أَمْثَالُهُمْ، فَذَكَرَ أَوْصَافِهمْ لأَوْلِيَائِهِ لِيَكُونُوا مِنْهَا عَلَى حَذَرِ، وَبَيْنَهَا لَهُمْ فَقَالَ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} (وَاللهُ أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّم) .

فَصْلٌ: هَذَا شَأْنُ مَنْ ثَقُلَتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ، فَرَآهَا حَائِلَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بِدْعَتِهِ وَهَوَاهُ، فَهِيَ فِي وَجْهِهِ. كَالْبُنْيَانِ الْمَرْصُوصِ، فَبَاعَهَا بِمُحَصَّل مِنْ الْكَلامِ الْبَاطِلِ، وَاسْتَبْدَلَ مِنْهَا بِالْفُصُوصِ فَأَعْقَبَهم ذَلِكَ أَنْ أَفْسَدَ عَلَيْهِمْ إِعْلانَهُمْ وَإِسْرَارَهُمْ {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} .

أَسَرُّوا سَرَائِرَ النِّفَاقِ، فَأَظْهَرَهَا اللهُ عَلَى صَفَحَاتِ الْوُجُوه مِنْهُمْ وَفَلَتَاتِ اللِّسَانِ، وَوَسَمَهُمْ لأَجْلِهَا بِسِيْمَاءِ لا يَخْفَوْنَ بِهَا عَلَى أَهْلَ الْبَصَائِرَ وَالإِيمَانِ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِذْ كَتَمُوا كُفْرَهُمْ وَأَظْهَرُوا إِيمَانَهم رَاجُوا عَلَى الصَّيَارِفِ وَالنُّقَادِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>