الْقِسْمُ الثَّانِي: مَنْ وَرَدَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهِ سَيِّئَاتٌ فَهَذَا تُوزَنُ حَسَنَاتِهِ وَسَيِّئَاتِهِ ثُمَّ هُمْ بَعْدَ هَذَا ثَلاثَةُ أَنْوَاعٍ: أَحَدُهَا مَنْ تَرْجَحُ حَسَنَاتُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ. فَهَذَا لا يَدْخُلُ النَّارَ بَلْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَةِ اللهِ وَبِحَسَنَاتِهِ وَهِيَ مِنْ رَحْمَةِ الله.
ثَانِيهِمَا: مَنْ تَسَاوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وَسَيِّاَتُهُمْ فَهَؤُلاءِ هُمْ أَصْحَابُ الأَعْرَافِ وَهِيَ مَوْضِعٌ مُرْتَفَعٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ يَكُونُونَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةِ كَمَا وُصِفَ ذَلِكَ فِي الْقُرْآن.
ثَالِثُهَا: مَنْ رَجَحَتْ سَيِّئَاتُهُ عَلَى حَسَنَاتِهِ فَهَذَا قَدِ اسْتَحَقَّ دُخُولُ النَّارِ إلا أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ شَفَاعَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ أَوْ شَفَاعَةِ أَحَدٍ مِنْ أَقَارِبِه أَوْ مَعَارِفِهِ مِمَّنْ جَعَلَ اللهُ لَهُمْ فِي الْقِيَامَةِ شَفَاعَةً لِعُلُوِّ مَقَامَاتِهِمْ عِنْدَ اللهِ وَكَرَامَتِِهم عَلَيْهِ، أَوْ تُدْرِكُهُ رَحْمَةُ اللهِ الْمَحْضَةِ بِلا وَاسِطَةٍ وَإِلا فَلا بُدَّ لَهُ مِنْ دُخُولِ النَّارِ يُعَذَّبُ فِيهَا بِقَدْرِ ذُنُوبِهِ.
ثُمَّ مَآلُهُ إِلى الْجَنَّةِ وَلا يَبْقَى فِي النَّارِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدِلٍ مِنْ إِيمَانٍ كَمَا تَوَاتَرَتْ بِذَلِكَ الأَحَادِيثُ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ سَلَفُ الأَمَّةِ وَأَئمَّتُهَا.
وَأَمَّا الْمُقْتَصِدُ فَهُوَ الذِي أَدَّى الْوَاجِبَاتَ وَتَرَكَ الْمُحَرَّمَاتَ وَلَمْ يُكْثِرْ مِنْ نَوَافِلِ الْعِبَادَاتِ وَإِذَا صَدَرَ مِنْهُ بَعْضُ الْهَفَوَاتِ بَادَرَ إِلى التَّوْبَةِ فَعَادَ إِلى مَرْتَبَتِهِ فَهَؤُلاءِ أَهْلُ الْيَمِينِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ {فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} فَهَؤُلاءِ سَلِمُوا مِنْ عَذَابِ البَرْزَخِ وَعَذَابِ النَّارِ وَسَلَّمَ اللهُ لَهُمْ إِيمَانِهُمْ وَأَعْمَالَهُمْ فَأَدْخَلَهُمْ بِهَا الْجَنَّةِ كُلٌّ عَلَى حَسَبِ مَرْتَبَتِهِ.
وَأَمَّا السَّابِقُ إِلى الْخَيْرَاتِ فَهُوَ الذِي كَمَّلَ مَرَاتِبَ الإِسْلامِ وَقَامَ بِمَرْتَبَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute