للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.. وَمَرَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فِيهِ أَطْيَبُهُ ... حَتَّى التَّمَتُّعُ بِالآصَالِ وَالْبُكَرِ

أَيْنَ الْجَلالُ الَّذِي غَضّتْ مَهابَتُهُ ... قُوُبَنَا وَعُيُونُ الأَنْجُمِ الزُّهُرِ

أَيْنَ الإِبَاءُ الَّذِي أَرْسُوا قَوَاعِدَهُ ... عَلَى دَعَائِمَ مَنْ عِزٍّ وَمِنْ ظَفَرِ؟

أَيْنَ الْوَفاءُ الَّذِي أَصْفَوا شَرَائِعِهُ ... فَلَمْ يَرِدْ أَحَدٌ مِنْهَا عَلى كَدَرِ

كَانُوا رَوَاسِيَ أَرْضِ اللهِ مُنْذُ مَضُوا ... عَنْهَا اِسْتَطَارَتْ بِِمَنْ فِيهَا وَلَمْ تَقِرِ

كَانُوا مَصَابِيحَهَا دَهْرًا فَمُنْذُ خَبَوْا ... صَارَ الْخَلِيقَةُ يَاللهِ فِي مَرَرِ

مَنْ لِي مَنْ بِهِمْ إِنْ أَظْلَمَتْ نُوبٌ ... وَلَمْ يَكُنَ لَيلُهَا يُفْضِي إِلى سَحَرِ

مَنْ لِي وَلا مَنْ بِهِمْ إِنْ أَطْبَقَتْ مِحَنٌ ... وَلَمْ يَكُنْ وِزْرُهَا يَدْعُو إِلى صَدَرِ

عَلَى الْفَضَائِلِ إِلا الصَّبْرُ بَعْدَهُمْ ... سَلامُ مُرْتَقِبٍ لِلأَجْرِ مُنْتَظِرِ

يَرْجُو عَسَى وَلَهُ فِي أُخْتِهَا أَمَلٌ ... وَالدَّهْرُ ذُو عَتَبٍ شَتَّى وَذُو غِيَرِ

رَرَّطْتُ آذَانَ مَنْ فِيهَا بِفَاضِحَةٍ ... عَلَى الْحَِسانِ حَصَى الْيَاقُوتِ وَالدُّرَرِ

سَيَّارَةٌ فِي أَقَاصِي الأَرْضِ قَاطِعَةً ... شَقَاشِقاً هَدَرَتْ فِي الْبَدْوِ وَالْحَضَرِ

مُطَاعَةُ الأَمْرِ فِي الأَلْبَابِ قَاضِيَةٌ ... مِنَ الْمَسَامِعِ مَا لَمْ يُقْضَ مِنْ وَطَرِ

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْألُكَ نَفْسًا مُطْمَئِنَّةً، تُؤْمِنُ بِلِقَائِكَ وَتَرْضَى بِقَضَائِكَ، وَتَقْنَعُ بِعَطَائِكَ، يَا أَرْأَفَ الرَّائِفِينَ، وَأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ.

موعظة:

عن معاوية بن أبي سفيان، رضي الله عنهما، أنه قال: سَمِعْتُ رسول الله ? يَقُولُ فِي خُطبة في أحد العيدين: «الدُّنْيَا دَارُ بَلاءٍ ومنزل قَلقٍ وعَناءٍ، وقد نَزَعَتْ عنها نفوسُ السُّعداء، وانتُزعت بالكُرْهِ مِنْ أَيْدي الأَشْقياء، فَأسْعَدُ النَّاس بها أَرْغَبُهُم عنها، وأشقاهُم بها أرغَبُهم فيها، هي الغاشَّةُ لمن انْتَصَحَها، وَالْمُغْوية لِمَنْ أَطَاعَهَا، وَالْخَاتِرَة لمن انقادَ لها. فالفائِز مَنْ أَعْرَضَ عنها، والهالكُ مَنْ رَاغِبٌ فِيهَا. طُوبى لِعَبْدٍ اتَّقى فيها رَبَّه، وناصَحَ نَفْسَه، وقدَّم توبَتَه، وَأَخَّرَ شَهْوَتَه مِنْ قبَل أَنْ تَلْفِظَه الدُّنْيَا إِلى الآخرة، فَيُصْبحَ فِي بَطْنِ مُوحِشَةٍ غَبراء، مُدْلَهِمَّةٍ ظلماء لا يستطيعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>