فَإِنْ كَانُوا كَمَا يَقُولُ هَذَانِ الرَّجُلانِ أَسْلَمْتُهُم لَهُمَا وَإِنْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ حَمَيْتُهُمْ وَأَحْسَنْتُ جِوَارَهُمْ مَا جَاوَرُونِي.
قَالَتْ أُمُّ سَلَمَة: فَأَرْسَلَ النَّجَاشِيُّ إِلَيْنَا يَدْعُونَا لِلِقَائِهِ فَاجْتَمَعْنَا قَبْلَ الذِّهَابِ إِلَيْهِ وَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْض: إِنَّ الْمَلِكَ سَيَسْأَلُكُمْ عَنْ دِينِكُمْ فَاصْدَعُوا بِمَا تُؤْمِنُونَ بِهِ وَلِيَتَكَلَّمَ عَنْكُمْ جَعْفَرُ بن أَبِي طَالِبٍ وَلا يَتَكَلَّمَ أَحَدٌ غَيْرُه.
قَالَتْ أُمُّ سَلَمَة: ثُمَّ ذَهَبْنَا إِلى النَّجَاشِيّ فَوَجَدْنَاهُ قَدْ دَعَا بَطَارِقَتَهُ فَجَلَسُوا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَقَدْ لَبِسُوا طَيَالِسَتَهُمْ وَاعْتَمَرُوا قَلانِسَهُمْ وَنَشَرُوا كُتُبَهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَوَجَدْنَا عَمْرَو بن الْعَاصِ وَعَبْدَ اللهِ بن رَبِيعَةَ.
فَلَمَّا اسْتَقَرَّ بِنَا الْمَجْلِسُ الْتَفَتَ إِلَيْنَا النَّجَاشِيّ وَقَالَ: مَا هَذَا الدِّينُ الذِي اسْتَحْدَثْتُمُوهُ لأَنْفُسِكُمْ وَفَارَقْتُم بِسَبَبِهِ دِينَ قَوْمِكُمْ وَلَمْ تَدْخُلُوا فِي دِينِي؟
فَتَقَدَّمَ مِنْهُ جَعْفَرُ بنُ أَبِي طَالِبٍ وَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْماً أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الأَصْنَامَ وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ وَنَقْطَعُ الأَرْحَامَ وَنُسِيءُ الْجِوَارَ وَيَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ وَبَقِينَا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللهُ إِلَيْنَا رَسُولاً مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ.
فَلَمَّا دَعَانَا إِلى اللهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَع مَا كُنَّا نَعْبُدُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالأَوْثَانِ.
وَقَدْ أَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَحَقْنِ الدِّمَاءِ - أَيْ حِفْظِهَا وَعَدَم سَفْكِهَا.
نَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِش وَقَوْلِ الزُّورِ وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute