للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا وَصَلَ إِلى مُؤْتَةَ وَهِيَ قَرْيَةٌ وَاقِعَةٌ عَلَى مَشَارِفِ الشَّامِ فِي الأُرْدَن وَجَدُوا أَنَّ الرُّومَ قَدْ أَعَدُّوا لَهُمْ مائَةَ أَلْفٍ تُعَاونُهم مَائةُ أَلْفٍ أُخْرَى مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ مِنْ قَبَائِلِ لَخْمٍ وَجُذَامٍ وَقُضَاعَة وَغَيْرِهَا.

أَمَّا جَيْشُ الْمُسْلِمِينَ فَكَانَ ثَلاثَةَ آلافٍ وَمَا أَنْ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَدَارَتْ رَحى الْحَرْبِ حَتَّى خَرَّ زَيْدُ بنُ حَارِثَةَ صَرِيعاً مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ.

فَمَا أَسْرَعَ أَنْ وَثَبَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَنْ ظَهْرِ فَرَسِهِ ثُمَّ عَقَرَهَا حَتَّى لا يَنْتَفِعَ بِهَا الأَعْدَاءُ بَعْدهُ ثُمَّ حَمَلَ الرَّايَةِ وَدَخَلَ فِي صُفُوفِ الرُّومِ وَهُوَ يَنْشِدُ:

يَا حَبَّذَا الْجَنَّةُ وَاقْتِرَابُهَا

طَيِّبَةٌ وَبَارِدٌ شَرَابُهَا

وَالرُّومُ رُومٌ قَدْدَنَا عَذَابُهَا

كَافِرَةٌ بَعِيدَةٌ أَنْسَابُهَا

عَلَيَّ إِذْ لاقَيْتُهَا ضرَابُهَا

وَظَلَّ يَجُولُ بِسَيْفِهِ فِي صُفُوفِهِمْ وَيَصُولُ حَتَّى أَصَابَتْهُ ضَرْبَةٌ قَطَّعَتْ يَمِينَهُ فَأَخَذَ الرَّايةَ بِشِمَالِهِ فَمَا لَبِثَ أَنْ أَصَابَتْهُ ضَرْبَةٌ أُخْرَى قَطَعَتْ شِمَالَهُ فَأَخَذَ الرَّايَةَ بِصَدْرِهِ وَعَضُدَيْهِ فَمَا لَبِثَ أَنْ أَصَابَتْهُ ضَرْبَةٌ ثَالِثَةٌ قَسَمَتْهُ نِصْفَيْنِ.

فَأَخَذَ الرَّايَةُ عَبْدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ فَمَا زَالَ يُقَاتِلُ حَتَّى لَحِقَ بِصَاحِبَيْهِ.

بَلَغَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَصْرَعَ قُوَّادِهِ الثَّلاثَةِ فَحزِنَ عَلَيْهِمْ أَشَدَّ الْحُزْنِ وَأَمَضَّهُ وَانْطَلَقَ إِلى بَيْتِ ابن عَمِّهِ جَعْفَرِ بن أَبِي طَالِبٍ فَوَجَدَ زَوْجَتَهُ أَسْمَاءَ تَتَأَهَّبُ لاسْتِقْبَالِ زَوْجِهَا الْغَائِبِ قَدْ عَجَنَتْ عَجِينَهَا وغسلتْ بَنِيهَا وَدَهَنَتْهُمْ وَأَلْبَسَتْهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>