قَدْ أَجَرْتُ بَيْنَ النَّاسِ، ثُمَّ رَكِبَ بَعِيرَهُ، فَانْطَلَقَ. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى قُرَيْشٍ قَالُوا: مَا وَرَاءَكَ؟
قَالَ: جِئْتُ مُحَمَّداً فَكَلَّمْتُه، فَوَاللهِ مَا رَدَّ عَلَيَّ شَيْئاً ثُمَّ جِئْتُ ابنَ أَبِي قُحَافَةَ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ خَيْراً، ثُمَّ جِئْتُ عُمَرَ بنَ الْخَطَّابِ فَوَجَدتُه أَوْفَى الْعَدُو، ثُمَّ جِئْتُ عَلِيّاً فَوَجَدْتُه أَلْيَنَ الْقَوْمِ. قَدْ أَشَارَ عَلَيّ بِشَيْءٍ صَنَعْتُه، فَوَاللهِ مَا أَدْرِي: هَلْ يُغْنِي عَنِّي شَيْئاً، أَمْ لا؟ .
قَالُوا: وَبِمَ أَمَرَكَ؟ قَالَ: أَمَرَنِي أَنْ أُجِيرَ بَيْنَ النَّاسِ، فَفَعَلْتُ، فَقَالُوا: فَهَلْ أَجَازَ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ؟ قَالَ: لا، قَالُوا: وَيْلَكَ، وَاللهِ إِنْ زَادَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ لَعِبَ بِكَ، قَالَ: لا وَاللهِ مَا وَجَدْتُ غَيْرَ ذَلِكَ.
وَأَمَرَ رَسُولِ اللهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ بِالْجِهَاز، وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُجَهِّزُوهُ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى ابْنَتِهِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَهِيَ تُحَرِّكُ بَعْضَ جِهَازِ رَسُولِ اللهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّةُ، أَمَرَكُنَّ رَسُولُ اللهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَجْهِيزِهِ؟ .
قَالَتْ: نَعَمْ، فَتَجَهَّزَ، قَالَ: فَأَيْنَ تَرَيْنَهُ يُرِيدُ؟ قَالَتْ: لا وَاللهِ، مَا أَدْرِي. ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَ النَّاسَ أَنَّهُ سَائِرٌ إِلى مَكَّة، فَأَمَرَهُمْ بِالْجِدِّ وَالتَّجَهُّزِ، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ خُذْ الْعُيُونَ وَالأَخْبَارَ عَنْ قُرَيْشٍ، حَتَّى نَبْغَتَهَا فِي بِلادِهَا» . فَتَجَهَّزَ النَّاسُ، فَكَتَبَ حَاطِبُ بنُ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلى قُرَيْشٍ كِتَاباً يُخْبِرُهُمْ فِيهِ بِمَسِيرِ رَسُولِ اللهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ أَعْطَاهُ امْرَأَةً، وَجَعَل لَهَا جُعْلاً عَلَى أَنْ تبَلِّغَهُ قُرَيْشاً، فَجَعَلَتْهُ فِي قُرُونِ رَأْسِهَا، ثُمَّ خَرَجَتْ بِهِ. وَأَتَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute