سُفْيَانَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} فَأَنْشَدَهُ أَبُو سُفْيَانَ بنُ الْحَرْثِ أَبْيَاتاً، مِنْهَا:
لَعَمْرُكَ إِنِّي حِينَ أَحْمِلُ رَايَةً
لِتَغْلِبَ خَيْلُ اللاتِ خَيْلَ مُحَمَّدِ
لَكَ الْمُدْلِجِ الْحَيْرَانَ أَظْلَمَ لَيْلُهُ
فَهَذَا أَوَانِي حِينَ أَهْدِي فَأَهْتَدِي
هَدَانِي هَادٍ غَيْرَ نَفْسِي وَدَلَّنِي
عَلَى اللهِ مَنْ طَرَّدْتَهُ كُلَّ مَطْرَدِ
فَضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدْرَهُ، وَقَالَ: «أَنْتَ طَرَدْتَنِي كُلَّ مَطْرَدِ» ؟ وَحَسُنَ إِسْلامُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُقَالَ: إِنَّهُ مَا رَفَعَ رَأْسَهُ إِلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ أَسْلَمَ، حَيَاءً مِنْهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّهُ وَشَهِدَ لَهُ بِالْجَنَّةِ، وَقَالَ: «أَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَلَفاً مِنْ حَمْزَةَ» وَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: (لا تَبْكُوا عَلَيَّ فَوَاللهِ مَا نَطَقْتُ بِخَطِيئَةٍ مُنْذُ أَسْلَمْتُ) .
(فَصْلٌ) عَادَ الْحَدِيثُ: فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ الظَّهْرَانِ نَزَلَهُ عِشَاءً فَأَمَرَ الْجَيْشَ فَأَوْقَدُوا النِّيرَانَ فَأوْقِدَتْ عَشَرَةُ آلافِ نَارٍ، وَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْحَرَسِ عُمَرَ بنَ الْخَطَّابِ، وَرَكِبَ الْعَبَّاسُ بَغْلَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْضَاءَ، وَخَرَجَ يَلْتَمِسُ، لَعَلَّهُ يَجِدُ بَعْضَ الْحَطَّابَةِ، أَوْ أَحَداً يُخْبِرُ قُرَيْشاً لِيَخْرُجُوا يَسْتَأْمِنُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَهَا عَنْوَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute