للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَلَسْتُ إِلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذْتُ بِرَأْسِهِ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لا يُنَاجِيهِ اللَّيْلَةَ أَحَدٌ دُونِي.

فَلَمَّا أَكْثَرَ عُمَرُ فِي شَأْنِهِ، قُلْتُ: مَهْلاً يَا عُمَرُ، فَوَاللهِ لَوْ كَانَ مِنْ رِجَالِ بَنِي عُدي بن كَعْبٍ مَا عَمِلْتَ مِثْلَ هَذَا، قَالَ: مَهْلاً يَا عَبَّاسُ، فَوَاللهِ لإِسْلامُكَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ إِسْلامِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اذْهَبْ بِهِ يَا عَبَّاسُ إِلى رَحْلِكَ، فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَأْتِنِي بِهِ» . فَذَهَبْتُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ بِهِ إِلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللهُ» ؟ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، مَا أَحْلَمَكَ وَأَكْرَمَكَ وَأَوْصَلَكَ! ! لَقَدْ ظَنَنْتُ أَنْ لَوْ كَانَ مَعَ اللهِ إِلَهٌ غَيْرُهُ لَقَدْ أَغْنَى عَنِّي شَيْئاً بَعْدُ.

قَالَ: «وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ» ؟ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، مَا أَحْلَمَكَ وَأَكْرَمَكَ وَأَوْصَلَكَ! ! أَمَّا هَذِهِ: فَإِنَّ فِي النَّفْسِ حَتَّى الآن مِنْهَا شَيْءٌ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: أَسْلِمْ وَاشْهَدْ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عُنُقُكَ، فَأَسْلَمَ وَشَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ.

فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ الْفَخْرَ، فَاجْعَلْ لَهُ شَيْئاً، قَالَ: «نَعَمْ، مَنْ دَخَل دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُو آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَهُوَ آمِنٌ» . وَأَمَرَ الْعَبَّاسَ أَنْ يَحْبِسَ أَبَا سُفْيَانَ بِمَضِيقِ الْوَادِي عِنْدَ خَطْمِ الْجَبَلِ، حَتَّى تَمُرَّ بِهِ جُنُودُ اللهِ فَيَرَاهَا، فَفَعَلَ فَمَرَّتْ الْقَبَائِلُ عَلَى رَايَاتِهَا، كُلَّمَا مَرَّتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>