للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو عُمَر: وَرُوِي (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَزَعَ مِنْهُ الرَّايَةَ دَفَعَهَا إِلى الزُّبَيْرِ) .

وَمَضَى أَبُو سُفْيَانَ، حَتَّى إِذَا جَاءَ قُرَيْشاً صَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، هَذَا مُحَمَّدٌ قَدْ جَاءَكُمْ فِيمَا لا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ، فَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، فَقَامَتْ إِلَيْهِ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ فَأَخَذَتْ بِشَارِبِهِ فَقَالَتْ: اقْتُلُوا الْحُمَيْتَ الدَّسِمَ الأَحْمَشَ السَّاقَيْنِ، قُبِّحَ مِنْ طَلِيعَةِ قَوْمٍ.

قَالَ: وَيْلَكُمْ، لا تَغُرَّنَكُمْ هَذِهِ مِنْ أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَكُمْ بِمَا لا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، فَقَالُوا: قَاتَلَكَ اللهُ، وَمَا تُغْنِي عَنَّا دَارُكَ؟ قَالَ: وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُو آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامِ فَهُوَ آمِنٌ.

فَتَفَرَّقَ النَّاسُ إِلى دُورِهِمْ، وَإِلى الْمَسْجِدِ، وَسَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ مَكَّة مِنْ أَعْلاها، وَضُرِبَتْ لَهُ هُنَالِكَ قُبَّةٌ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بنَ الْوَلِيد أَنْ يَدْخُلَهَا مِنْ أَسْفَلِهَا. وَكَانَ عَلَى الْمَجْنَبَةِ الْيُمْنَى وَفِيهَا أَسْلَمُ وَسُلَيْمٌ وَغِفَارٌ وَمُزَيْنَةُ وَجُهَيْنَةُ، وَقَبَائِلُ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَلَى الرِّجَالَةِ وَالْحُسَّرِ، وَهُمْ الذِينَ لا سِلاحَ مَعَهُمْ، وَقَالَ لِخَالِدِ وَمَنْ مَعَهُ: (إِنْ عَرَضَ لَكُمْ أَحَدٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَاحْصُدُوهُمْ حَصْداً، حَتَّى تُوَافُونِي عَلَى الصَّفَا) فَمَا عَرَضَ لَهُمْ أَحَدٌ إِلا أَنَامُوهُ. وَتَجَمَّعَتْ سُفَهَاءُ قُرَيْش وَأَخفَّاؤُهَا مَعَ عِكْرِمَةَ بنِ أَبِي جَهْلٍ، وَصَفْوَانِ بن أُمَيَّةَ، وَسُهَيْلِ بن عَمْروٍ بِالْخَنْدَمَةِ لِيُقَاتِلُوا الْمُسْلِمِينَ.

اللَّهُمَّ ثَبَّتْ مَحَبَّتكَ في قُلُوبِنَا ثُبُوتَ الْجِبَالِ الرَّاسِيَاتِ وَجَنِّبْنَا الْخَطَايَا وَالذُّنُوبَ الْمُوبِقَاتِ وَوَفِّقْنَا لِلْعَمَلِ بِالْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ وَأَلْهِمْنَا ذِكْركَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>