وَلَمَّا وَضَعَتْهُ أُمُّهُ حَمَلَتْهُ إِلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَنَّكَهُ بِرِيقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ أَوَّلَ مَا دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُلازَمَةَ الْعَيْنِ لأُخْتِهَا.
فَكَانَ يُعِدُّ لَهُ مَاءَ وُضُوئِهِ إِذَا هَمَّ أَنْ يَتَوَضَأَ وَيُصَلِّي خَلْفَهُ إِذَا وَقَفَ لِلصَّلاةَ وَيَكُونُ رَدِيفَه إِذَا عَزَمَ عَلَى سَفَرٍ وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَحْمِلُ بَيْنَ جَنْبَيْهِ قَلْباً وَذِهْناً صَافِياً.
حَدَّثَ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ: هَمَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوُضَوءِ ذَاتَ مَرَّةٍ فَمَا أَسْرَع أَنْ أَعْدَدْتُ لَهُ الْمَاءَ فَسُرَّ بِمَا صَنَعْتُ وَلَمَّا هَمَّ بِالصَّلاةِ أَشَارَ إِلى أَنْ أَقِفَ بَازَائِهِ فَوَقَفْتُ خَلْفَهُ.
فَلَمَّا انْتَهَتِ الصَّلاةُ مَالَ عَلَيَّ وَقَالَ: ((مَا مَنَعَكَ أَنْ تَكُونَ بَازِائِي ياَ عَبْدَ اللهِ)) . فَقُلْتُ: أَنْتَ أَجَلُ فِي عَيْنِي وَأَعَزُّ مِنْ أُوَارِيكَ يَا رَسُولَ الله.
فَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلى السَّمَاءِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ آتِهِ الْحِكْمَةَ» . وَقَدْ اسْتَجَابَ اللهُ دَعْوَةَ نَبِيِّهِ فَآتَاهُ مِنْ الْحِكْمَةِ مَا فَاقَ بِهِ أَسَاطِينَ الْحُكَمَاءِ.
مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا اعْتَزَلَ بَعْضُ أَصْحَابِ عَلِيّ بن أَبِي طَالِبٍ وَخَذَلُوهُ فِي نِزَاعِهِ مَعَ مُعَاوَيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ عَبْدُ اللهِ بن عَبَّاسٍ لِعَلِّي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ائْذَنْ لِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ آتِي الْقَوْمَ وَأَكَلِمَهُمْ فَقَالَ: إِنِّي أَتَخَوَّفَ عَلَيْكَ مِنْهُمْ فَقَالَ: كَلا إِنْ شَاءَ اللهُ.
ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَرَ قَوْماً أَشَدَّ اجْتِهَاداً مِنْهُمْ فِي الْعِبَادَةِ فَقَالُوا: مَرْحَباً بِكَ يَا ابنَ عَبَّاسٍ مَا جَاءَ بِكَ فَقَالَ: جِئْتُ أُحَدِّثُكُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لا تُحَدِّثُوهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نَسْمَعُ مِنْكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute