للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَنَظَرَ نَاظِرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ: يَا رسُولَ اللهِ إِنَّ هَذَا رَجُلٌ يَمْشِي عَلَى الطَّرِيقِ وَحْدَهُ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُنْ أَبَا ذَرٍّ» . فَلَمَّا تَأَمَّلَهُ الْقَوْمُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ هُوَ - وَاللهِ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَحَمَ اللهُ أَبَا ذَرٍّ يَمْشِي وَحْدَهُ وَيَمُوتُ وَحْدَهُ وَيُبْعَثُ وَحْدَهُ» . وَقَدْ تَحَقَّقَ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمَّا نَفَى أَبَا ذَرٍّ نَزَلَ أَبُو ذَرٍّ الرَّبْذَةَ فَأَصَابَهُ بِهَا قَدَرُهُ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ إِلا امْرَأَتُهُ وَغُلامُهُ فَأَوْصَاهُمَا أَنْ غَسِّلانِي وَكَفَّنَانِي.

ثُمَّ ضَعَانِي عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ فَأَوَّلُ مَرْكَبٍ يَمُرُّ بِكُمْ فَقُولُوا لَهُ: هَذَا أَبُو ذَرٍّ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعِينُونَا عَلَى دَفْنِهِ فَلَمَّا مَاتَ فَعَلا ذَلِكَ بِهِ ثُمَّ وَضَعَاهُ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ.

فَأَقْبَلَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَرَهْطٌ مَعَهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ عَمَّاراً فَلَمْ يَرُعْهُمْ إِلا جَنَازَةٌ عَلَى الطَّرِيقِ قَدْ كَادَتْ الإِبْلُ تَطَؤُهَا وَقَامَ الْغُلامُ فَقَالَ: هَذَا أَبُو ذَرٍّ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعِينُونَا عَلَى دَفْنِهِ.

فَاسْتَهَلَّ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ يَبْكِي وَيَقُولُ: صَدَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمْشِي وَحْدَكَ وَتَمُوتُ وَحْدَكَ وَتُبْعَثُ وَحْدَكَ.

ثُمَّ نَزَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَوَارَوهُ ثُمَّ حَدَّثَهُمْ ابْنُ مَسْعُودٍ حَدِيثَهُ وَمَا قَالَهُ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرِهِ إِلى تَبُوكَ وَاسْمُ أَبِي ذَرٍّ (جُنْدُبُ بنُ جُنَادَةَ) وَمَاتَ فِي سَنَة ٣٢ هـ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ حِزْبِكَ الْمُفْلِحِينَ، وَعِبَادِكَ الصَّالِحِينَ الذِينَ أَهَّلْتَهُم لِخِدْمَتِكَ وَجَعَلْتَهُمْ آمِرِينَ بِالْمَعْرُوفِ فَاعِلِينَ لَهُ، وَنَاهِينَ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَمُجْتَنِبِينَ لَهُ، وَاْغِفرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>