للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللَّهُ فِيهِ فَبِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ: {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} وَلَيْسَ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ مِمَّا خَلَّفَنَا عَنِ الْغَزْوِ وَإِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا عمَّنْ حَلَفَ لَهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَبِلَ مِنْهُ.

وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيدِ الدَّارِمِي: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيّ بن أَبِي طَلْحَة عَنْ ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ (٩: ١٠٢) : {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً} قَالَ: (كَانُوا عَشْرَ رَهْطٍ تَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ.

فَلَمَّا حَضَرَ رُجُوعُ رَسُولِ اللهِ أَوْثَقَ سَبْعَةٌ مِنْهُمْ أَنْفُسَهُمْ بِسَوَارِي الْمَسْجِدِ. وَكَانَ مَمَرُّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَجَعَ فِي الْمَسْجِدِ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ: «مَنْ هَؤُلاءِ الْمُوثِقُونَ أَنْفُسَهُمْ بِالسَّوَارِي» ؟ قَالُوا: هَذَا أَبُو لُبَابَة وَأَصْحَابٌ لَهُ تَخَلَّفُوا عَنْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، أَوْثَقُوا أَنْفُسَهُمْ وَحَلَفُوا أَنَّهُمْ لا يَطْلِقُهُمْ أَحَدٌ حَتَّى يُطْلِقَهُمُ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَعْذُرَهُمْ.

فَقَالَ: «وَأَنَا أُقْسِمُ بِاللهِ لا أُطْلِقُهُمْ وَلا أَعْذُرُهُمْ حَتَّى يَكُونَ اللهُ هُوَ الذِي يُطْلِقُهُمْ رَغِبُوا عَنِّي، وَتَخَلَّفُوا عَنْ الْغَزْو مَعَ الْمُسْلِمِينَ» . فَلَمَّا بَلَغَهُمْ ذَلِكَ قَالُوا: وَنَحْنُ نُقْسِمُ بِاللهِ لا نَطْلِقُ أَنْفُسَنَا حَتَّى يَكُونَ اللهُ هُوَ الذِي يُطَلِّقُنَا فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} وَعَسَى مِن اللهِ وَاجِبٌ {إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} .

فَلَمَّا نَزَلَتْ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطْلَقَهُمْ، وَعَذَرَهُمْ فَجَاءُوا بِأَمْوَالِهِمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ هَذِهِ أَمْوَالُنَا فَتَصَدَّقْ بِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>