مِن الْمُؤْمِنِينَ، أَنْ يَرْجِعُوا إِلى دِينِهِمْ، وَصَارُوا يَخَافُونَ مِنْهُمْ وَيَخْشَوْن: وَأَتَمَّ جَلَّ وَعَلا عَلَى عِبَادِهِ نِعْمَتَه بِالْهِدَايَةِ وَالتَّوْفِيقِ، وَالْعزِ ِّواَلتَّأَيِيدِ، وَرَضِيَ الإسْلامَ لَنَا دِيناً، أخْتَارَهُ لَنَا مِنْ بَيْنِ الأَدْيَانِ، فَهُوَ الدِّينُ عِنْدَ اللهِ لا غَيْر، قَالَ تَعَالَى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} عِبَادَ اللهِ نَظَرَ أَصْحَابُ الأَفْكَارِ الْبَرِيئَةِ السَّلِيمَةِ فِي أَحْكَامِ الإِسْلام ِ، فَاعْتَنَقُوهُ، وَتَأَمَّلُوا فِي حُكْمِهِ الْجَلِيلَةِ فَأَحَبُّوهُ وَمَلَكَتْ قُُلُوبَهُم مَبَادِئُهُ الْحَكِيمَةُ فَعَظَّمُوه، وَكُلَّمَا كَانَ الْمَرْءُ سَلِيمَ الْعَقْلِ، نَيِّرَ الْبَصِيرَةِ، مُسْتَقِيمَ الْفِكْرِ، اشْتَدَّ تَعَلُقُه بِهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ جَمِيلِ الْمَحَاسِن، وَجَلِيلِ الْفَضَائِلِ، جَاءَ الدِّينُ الإِسْلامِيُ بِعَقَائِدِ التَّوْحِيدِ، الَّتِي يَرْتَاحُ لَهَا الْعَقْلُ السَّلِيمُ وَيُقرُهَا الطَّبْعُ الْمُسْتَقِيمُ، يَدْعُوا إِلى اعْتِقَادِ أَنَّ لِلْعَالَم إِلَهاً وَاحِداً لا شَرِيكَ لَهُ، أَوَّلاً لا ابْتِدَاءَ لَهُ، وَآخِراً لا انْتِهَاءَ لَهُ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} لَهُ الْقُدْرَةُ التَّامَةُ، وَالإِرَادَةُ الْمُطْلَقَةُ، وَالْعِلْمُ الْمُحِيطُ، يَلْزِمُ الْخَلْقَ الْخُضُوعِ لَهُ وَالانْقِيَادُ، وَالْعَمَلَ عَلَى مَرْضَاتِهِ، بِامْتِثَالِ أَمْرِهِ سُبْحَانَهُ، عَلَى النَّظرِ وَالاسْتِدلالِ، لِتَصلَ بِالْبُرْهَان إلى مَعْرِفَتِهِ وَتَعْظِيمِهِ، وَالْقِيَامِ بِحُقُوقِهِ، فَتَرَاهُ تَارَةً يَلْفِتُ نَظَرَكَ إِلى أَنَّهُ لا يُمْكنُ أَنْ توجِدَ نَفْسَكَ، وَلا أَن تُوجدَ مِنْ دُونِ مُوجِدٍ {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} أَمَّا كَوْنُ الإنْسَانِ مَوْجِداً لِنَفْسِهِ فَهَذَا أَمْرٌ مَا ادَّعَاهُ الْخَلْقُ، وَأَمَّا وُجُودُ الإِنْسَانِ هَكَذَا مِنْ غَيْرِ مُوجِدٍ، فَأَمْرٌ يُنْكرُهُ مَنْطِقُ الْفِطْرَةِ ابْتِدَاءً وَلا يَحْتَاجُ إِلى جَدَلٍ كَثِيرٍ أَوْ قَلِيلٍ، وَإِذَا كَانَ هَذَانِ الْفَرْضَانِ بَاطِلِين، فَإِنَّهُ لا يَبْقَى إِلا الْحَقِيقَةُ، الَّتِي يَقُولُهَا الْقُرْآنُ، وَهِيَ أَنَّ الْخَلْقَ خَلَقَهُ اللهُ الْوَاحِدُ الأَحَدُ الْفَرْدُ الصَّمَدُ الذِي {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ} ، وَتَارَةً يَلْفُتُ النَّظَرَ إِلى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute