للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْمَنْتَصَف فِيمَا بَيْنَهُمَا فلآمَ بَيْنَهُمَا حَتَّى جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: «الْتَئِمَا عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ» . فَالْتَأَمَتَا عَلَيْهِ.

فَخَرَجْتُ أُحْضِرُ مَخَافَةَ أَنْ يُحِسَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُرْبِي فَتَبَاعَدَتْ فَجَلَسْتُ أُحَدِّثُ نَفْسِي فَحَانَتْ مِنِّي لَفْتَةٌ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلاً وَإِذَا الشَّجَرَتَانِ قَدْ افْتَرَقَتَا فَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى سَاقٍ) . وَذَكَرَ الْحَدِيث.

٢٠- وَمِنْهَا أَنَّهَا انْكَسَرَتْ رِجْلُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتَيْك رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بَعْدَمَا قَتَلَ أَبَا رَافِعٍ الذِي يُؤْذِي النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَانْتَهَيْتُ إِلى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثْتُهُ فقَالَ لِي: «ابْسِطْ رِجْلَكَ» . فَبَسَطْتُ رِجْلِي فَمَسَحَهَا فَكَأَنَّهَا لَمْ أَشْتَكِهَا قَطُ.

٢١- وَقِصَّةُ أمِّ مَعْبَدٍ مَشْهُورَةٌ مِنْ حَدِيثِهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ مَرَّ بِهَا طَلَبَ لَبَناً أَوْ لَحْماً يَشْتَرُونَهُ وَكَانُوا مُرْمِلِينَ مُسْنِتِينَ فَلَمْ يَجِدُوا عِنْدَهَا شَيْئاً قَطُ فَنَظَرَ إِلى شَاةٍ فِي كِسْرِ الْخِيمَةِ خَلَّفَهَا الْجُهْدُ عَن الْغَنَمِ، فَسَأَلَهَا: «هَلْ بِهَا مِنْ لَبَنٍ» ؟ فَقَالَتْ: هِيَ أَجْهَدُ مِنْ ذَلِكَ، فقَالَ: «أَتَأْذَنِينَ لِي أَنْ أَحْلِبَهَا» ! فَقَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي إِنْ رَأَيْتَ بِهَا حَلْباً.

فَدَعَا بِالشَّاةِ فَاعْتَقَلَهَا وَمَسَحَ ضَرْعَهَا فَدَرَّتْ وَاجْتَرَّتْ وَدَعَا بِإِنَاءٍ يُشْبِعُ الرَّهْطَ فَحَلَبَ حَتَّى مَلأَهُ وَسَقَى الْقَوْمَ حَتَّى زَوَوْا ثُمَّ شَرِبَ آخِرُهُمْ ثُمَّ حَلَبَ فِيهِ مَرَّةً أُخْرَى عَللاً بَعْدَ نهلٍ ثُمَّ غَادَرَهُ عِنْدَهَا وَذَهَبُوا فَجَاءَ أَبُو مَعْبَدٍ فَلَمَّا رَأَى اللَّبَنَ قَالَ: مَا هَذَا يَا أُمَّ مَعْبَدٍ؟ أَنَّى لَكِ هَذَا وَالشَّاةُ عَازِبٌ حِيَالٌ وَلا حَلُوبَةَ بِالْبَيْتِ فَقَالَتْ: لا وَاللهِ إِلا أَنَّهُ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ مُبَارَكٌ فقَالَ: صِفِيهِ فَوَصَفَتْهُ لَهُ، وَذَلِكَ فِي طَرِيقِ هِجْرَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الْمَدِينَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>