وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - وَلا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنْ الصَّحَابَة وَلَيْسَ لِمَنْ جَازَ لَهُ الفِطْرُ بِرَمَضَانَ أَنْ يَصُومَ غَيْرَهُ فِيهِ لأَنَّهُ لا يَسْعُ غَيْرَ مَا فُرِضَ فِيهِ وَلا يَصْلحُ لِسِوَاهُ، وَيَجِبْ الفِطْرُ عَلَى مَنْ احْتَاجَهُ لإِنْقَاذِ مَعْصُومٍ مِنْ مَهْلَكَةٍ. كَغَرَقٍ لأَنَّهُ يُمْكِنْهُ تَدَارُكَ الصَّوْمِ بَالقَضَاءِ بِخَلافِ الغَرِيقِ وَنَحْوِهِ، وَيَجِبُ الفِطْرُ عَلَى الحَائِض وَالنُّفَسَاءَ لِمَا وَرَدَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدَرِيْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
٣- مَنْ عَرَضَ لَهُ جُنونٌ أَوْ إِغْمَاءٌ:
وَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ ثُمَّ جَنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ جَمِيعَ النَّهَارِ، وَلَمْ يُفِقْ جُزْءًا مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ لأَنَّ الصَّوْمَ: الإِمْسَاكُ مَعَ النِّيَّةِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُلَّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أُجْزِي بِهِ يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي ... » . فَأَضَافَ التَّرْكَ إِلَيْهِ، وَهُوَ لا يُضَافُ إِلى المَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، فَلَمْ يَجُزْ وَالنَّيةُ وَحْدَهَا لا تُجزِي، وَيَصِحُّ الصَّوْمُ مِمَّنْ أَفَاقَ جُزْءًا مِنْهُ حَيْثُ نَوَى لَيْلاً لِصِحَّةِ إِضَافَةِ التَّرْكِ إِلَيْهِ إِذًا، وَيُفَارِقُ الجُنُونُ الحَيْضَ بِأَنَّهُ لا يَمْنَعُ الوُجُوبَ بَلْ يَمْنَعُ الصِّحَّةِ وَيَحْرُمُ فعْلُهُ، وَيَصَحُّ صَوْمُ مِنْ نَامَ جَمِيعَ النَّهَارِ لأَنَّ النَّوْمَ عَادَة لا يَزُولُ الإِحْسَاسُ بِهِ بالكُلِّية لأَنَّهُ مَتَى نُبِّهَ انْتَبَهَ. وَيَقْضِي مُغْمَى عَلَيْه زَمَنَ إغْمَائِهِ لأَنَّهُ مُكَلَّفٌ، وَلأَنَّ مُدَّةَ الإغْمَاء لا تَطُولُ غَالِبًا، وَلا ثَبْتُتْ الولايَةُ عَلَيْهِ، وَلا يَقْضِي مَجْنُونٌ زَمَنَ جُنُونِهِ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ.
اللَّهُمَّ أحْي قُلُوبًا أَمَاتَهَا البُعْدُ عَنْ بَابِكَ، وَلا تُعَذّبْنَا بَأليمِ عِقَابِكَ يَا أَكْرَمَ مَنْ سَمَحَ بالنَّوَالِ وَجَادَ بَالإِفْضَالِ، اللَّهُمَّ أَيْقَضْنَا مِنْ غَفْلَتِنَا بُلطْفِكَ وَإِحْسَانِكَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute