للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفساد القلب يعود بضياع حقه من الله تعالى ونقصان درجته ومنزلته عنده.

ولهذا أوصى بعض الشيوخ فَقَالَ احذروا مخالطة من تضيع مخالطته الوقت وتفسد القلب فإن ضاع الوقت وفسد القلب انفرطت على العبد أموره كلها وكان ممن قَالَ الله فيه {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} .

ومن تأمل حال هذا الخلق وجدهم كلهم إلا أقل القليل ممن غفلت قلوبهم عن ذكر الله تعالى الَّذِي به تحيا القلوب وتطمئن واتبعوا أهواءهم وصارت أمورهم ومصالحهم فرطا أي فرطوا فيما ينفعهم ويعود عليهم بمصالحهم، واشتغلوا بما لا ينفعهم بل بما يعود بضررهم عاجلاً وآجلاً.

وهؤلاء قد أمر الله سبحانه رسوله ألا يطيعهم فطاعة الرسول لا تتم إلا بعدم طاعة هؤلاء لأنهم إنما يدعون إلى ما يشاكلهم من أتباع الهوى والغفلة عن ذكر الله.

والغفلة عن ذكر الله والدار الآخرة متى تزوجت بأتباع الهوى تولد بينهما كل شر وكثيراً ما يقترن أحدهما بالآخر ولا يفارقه.

ومن تأمل فساد أحوال العالم عموماً وخصوصاً وجده ناشئاً عن هذين الأصلين فالغفلة تحول بين العبد وبين تصور الحق ومعرفته والعلم به فيكون بذلك من الضالين، وأتباع الهوى يصده عن قصد الحق وإرادته وأتباعه، فيكون من المغضوب عليهم.

وأما المنعم عليهم فهم الَّذِينَ من الله تعالى عليهم بمعرفة الحق علماً وبالانقياد إليه وإيثاره عما سواه عملاً وهؤلاء هم الَّذِينَ على سبيل النجاة ومن سواهم على سبيل الهلاك.

ولهذا أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نقول كل يوم وليلة عدة مرات {اهدِنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>