للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَقَدْ خُلِقُوا لِمَا لَوْ أَبْصَرَتْهُ ... عُيُونُ قُلُوبِهِمْ سَاحُوا وَهَامُوا

مَمَاتٌ ثُمَّ قَبْرٌ ثُمَّ حَشْرٌ ... وَتَوْبِيخٌ وَأَهْوَالٌ عِظَامُ

لِيَوْمِ الْحَشْرِ قَدْ خُلِّقَتْ رِجَالٌ ... فَصَلُّوا مِنْ مَخَافَتِهِ وَصَامُوا

وَنَحْنُ إِذَا أُمِرْنَا أَوْ نُهِينَا ... كَأَهْلِ الْكَهْفِ أَيْقَاظُ نِيَامُ

ومع ذلك تراه غافلاً لا اهتمام له بذلك منصرفاً عن الابتعاد عن هذه المهالك والمزلات الفظيعة ومشتغلاً بالدنايا والأمور التافهة من شؤون الدنيا الملعونة الملعون ما فيها إلا ذكر الله وما ولاه.

وما أصيب الإنسان بمرض أشد من الغفلة الَّذِي ربما تحول إلى جمود وقسوة ثم إلى لجاج وعناد ثم إلى كفر وجحود نسأل الله تعالى العافية.

ومن أكبر الأدلة على حمق الإنسان وغباوته وجهله أنه يكد ويشقى من أجل مستقبل مهما طال فلن يجاوز الثمانين غالباً وإن تجاوزها فهو كالمعدوم ,

ومع هذا فيهمل إهمالاً كلياً أو جزئياً العمل من أجل مستقبل لا نهاية له مستقبل الأبد الخلود فيا لها من خسارة لا عوض لها ولا جبر منها ولا أمل في تلافيها.

فيا الغافل انتبه واستعد لما أمامك وتصوره تصوراً صحيحاً يظهر أثره في جدك واجتهادك فيما يقربِكَ إلى الله لا يفاجئك الأمر وأنت غافل فيفوتك زمن الإمكان وتندم وتتحسر قَالَ تعالى وتقدس {أَتَى أَمْرُ اللهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ} .

وَقَالَ الله جل وعلا {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ} وَقَالَ تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} وَقَالَ تعالى: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ} وَقَالَ تعالى: {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} الآيات.

إن الَّذِينَ غمر الإيمان قلوبهم واستحوذت معرفتهم على مشاعرهم ووجدانهم هم الَّذِينَ أيقنوا بلقاء ربهم وسماع الحكم منه في مصائرهم، هؤلاء

<<  <  ج: ص:  >  >>