للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قصص رائعة)

عن بِلاَلُ بن رباح قَالَ: مَا كَانَ لرَسُولِ اللهُ ? شَيْءٌ إلا أَنَا الَّذِي كُنْتُ ألِي ذَلِكَ مِنْهُ مُنْذُ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ، فَكَانَ إِذَا أَتَاهُ الإِنْسَانُ الْمُسْلِمُ فَرَآهُ عَائلاً يَأْمُرُنِي فَأَنْطَلِقُ فَأَسْتَقْرِضُ فَأَشْتَرِي الْبُرْدَةَ وَالشَّيْءَ فَأَكْسُوهُ وَأُطْعِمُهُ، حتَّى اعْتَرَضَنِي رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: يَا بِلاَلُ إِنَّ نَدِي عِنْدِي سَعَةً فَلاَ تَسْتَقْرِضْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ مِنِّى فَفَعَلْتُ. فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ تَوَضَّأتُ ثُمَّ قُمْتُ لأُؤَذِّنَ بِالصَّلاَةِ فَإِذَا الْمُشْرِكُ فِي عِصَابَةٍ مِنَ التُّجَّارِ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: يَا حَبَشِي،ُّ قُلْتُ: يَا لَبَّيْهُ؛ فَتَجَهَّمَنِي، وَقَالَ قَوْلاً غَلِيظاً - أَو غَلِيظاً قَالَ: أَتَدْرِى كَمْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الشَّهْرِ؟ قُلْتُ: قَرِيبٌ.

قَالَ: إِنَّمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ أَرْبَعُ لَيَالٍ، فَآخُذُكَ بِالَّذِي لِي عَلَيْكَ، فَإِنِّي لَمْ أُعْطِكَ الَّذِي أَعْطَيْتُكَ مِنْ كَرَامَتِكَ وَلاَ مِنْ كَرَامَةِ صَاحِبِكَ، وإنما أَعْطَيْتُكَ لِتَصيَر َ لِي عَبْداً فَأَرُدُّكَ تَرْعَى في الْغَنَمَ كَمَا كُنْتَ قَبْلَ ذَلِكَ فَأَخَذَني فِي نَفْسِي مَا يَأْخُذُ فِي أَنْفُسِ النَّاسِ، فَانْطَلَقْتُ فناَديْتُ بِالصَّلاَةِ، حتَّى إِذَا صَلَّيْتُ الْعَتَمَةَ، رَجَعَ رَسُولِ اللهُ ? إِلَى أَهْلِهِ، فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لِي. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي إِنَّ الْمُشْرِكَ الَّذِي ذَكَرْتُ لَكَ أَنِّي كُنْتُ أَتَدَيَّنُ مِنْهُ قَدْ قَالَ كَذَا وَكَذَا، وَلَيْسَ عِنْدَكَ مَا تَقْضِى عَنِّي وَلاَ عِنْدِي وَهُوَ فَاضِحِي، فَأْذَنْ لِي أَنْ آتِيَ إِلَى بَعْضِ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ قَدْ أَسْلَمُوا حتَّى يَرْزُقَ اللَّهُ رَسُولَهِ ? مَا يَقْضِي عَنِّى.

فَخَرَجْتُ حتَّى أَتَيْتُ مَنْزِلِي فَجَعَلْتُ سَيْفِي وَجِرَابِي وَرُمْحِي وَنَعْلِي عِنْدَ رَأْسِي، فَاسْتَقْبَلْتُ بِوَجْهِيََ الأُفُقَ فَكُلَّمَا نِمْتُ انْتَبَهْتُ، فَإِذَا رَأَيْتُ عَلَيَّ لَيْلاً نِمْتُ حتَّى انْشَقَّ عَمُودُ الصُّبْحِ الأَوَّلِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَنْطَلِقَ. فَإِذَا إِنْسَانٌ يَدْعُو: يَا بِلاَلُ أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ ? فَانْطَلَقْتُ حتَّى آتِيهِ، فَإِذَا أَرْبَعُ رَكَائِبَ عَلَيْهِنَّ أَحْمَالُهُنَّ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ فَاسْتَأْذَنْتُ فَقَالَ لِي رَسُولَ اللَّهِ ?: «أَبْشِرْ، فَقَدْ جَاءَكَ اللَّهُ بِقَضَاءِ دينكَ» . فَحَمِدْتُ اللَّهَ.

وَقَالَ: «أَلَمْ تَمُرَّ عَلَى الرَّكَائِبِ الْمُنَاخَاتِ الأَرْبَعِ؟» قُلْتُ: بَلَى قَالَ: «فَإِنَّ لَكَ رِقَابَهُنَّ وَمَا عَلَيْهِنَّ» . فإِذَا عَلَيْهِنَّ كِسْوَةٌ وَطَعَامٌ أَهْدَاهُنَّ لَهُ عَظِيمُ فَدَكَ - «فَاقْبِضْهُنَّ إِلَيْكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>