فخرجت حتَّى إذا قدمت مكة وجدت بثنية البيضاء رجالاً من قريش يتسمعون الأخبار، ويسألون عن أمر رَسُولِ اللهُ ? وقد بلغهم أنه قد سار إلى خيبر، وقد عرفوا أنها قرية الحجاز، ريفاً ومنعة ورجالاً، فهم يتحسسون الأخبار، ويسألون الركبان.
فلما رأوني قَالُوا: الحجاج بن علاط - ولم يكونوا علموا بإسلامي - عنده والله الخبر، أخبرنا يا أبا مُحَمَّد، فإنه قد بلغنا أن القاطع قد سار إلى خيبر، وهي يهود وريف الحجاز.
قلت: قد بلغني ذلك، وعندي من الخبر ما يسركم، فالتبطوا بجنبي ناقتي يقولون: إيه يا حجاج! قلت: هزم هزيمة لم تسمعوا بمثلها قط، وقتل أصحابه قتلاً لم تسمعوا بمثله قط، وأسر مُحَمَّد أسراً.
وقَالُوا: لا نقتله حتَّى نبعث به إل أهل مكة، فيقتلوه بين أظهرهم بمن كان أصاب من رجالهم؛ فقاموا وصاحوا بمكة، وقَالُوا: قد جاءكم الخبر، وهذا مُحَمَّد، إنما تنظرون أن يقدم به عليكم، فيقتل بين أظهركم.
قلت: أعينوني على جمع مالي بمكة وعلى غرمائي،فإني أريد أن أقدم خيبر، فأصيب مَن فَلَّ مُحَمَّدٌ وأصحابه قبل أن يسبقني التجار إلى ما هنالك؛ فقاموا، فجمعوا لي مالي كأحث جمع سمعت به.
وجئت صاحبتي فقلت: ما لي، وقد كان لي عندها مال موضوع لعلي الحق بخيبر، فأصيب من فرص البيع قبل أن يسبقني التجار. فلما سمع العباس بن عبد المطلب الخبر، وجاءه عني، أقبل حتَّى وقف إلى جنبي وأنا في خيمة من خيام التجار.
فَقَالَ: يا حجاج، ما هذا الخبر الَّذِي جئت به؟ فقلت: وهل عندك حفظ لما وضعت عندك؟ قَالَ: نعم قلت: فاستأجر عني حتَّى ألقاك على خلاء، فإني في جمع مالي كما ترى، فانصرف عني حتَّى أفرغ.