عن جرير بن عبد الله البجلي قَالَ: رجل مع أبي موسى الأشعري، وكان صوت ونكاية في العدو، فغنموا مغنماً فأعطاه أبو موسى بعض سهمه، فأبى أن يقبله إلا جميعاً، فجلده أبو موسى عشرين سوطاً، وحلقه، فجمع الرجل شعره، ثم ترحل إلى عمر بن الخطاب، حتَّى قدم عليه.
فدخل على عمر بن الخطاب، وكنت أقرب الناس من عمر، فأدخل على عمر شعره، ثم ضرب به صدر عمر بن الخطاب، ثم قَالَ: أما والله لولا النار؛ فَقَالَ عمر: صدق والله لولا النار.
فَقَالَ: يا أمير المؤمنين، إني كنت ذا صوت ونكاية، فأخبره بأمره، وَقَالَ: ضربني أبو موسى عشرين سوطاً، وحلق رأسي، وهو يرى أنه لا يقتص منه.
فَقَالَ عمر – رضوان الله عليه -: لأن يكون الناس كلهم على صرامة هذا أحب لي من جميع ما أفاء الله علينا.
فكتب عمر إلى أبي موسى: سلام عَلَيْكَ، أما بعد؛ فإن فلاناً أخبرني بكذا وكذا، فإن كنت فعلت ذاك في ملأ من الناس، فعزمت عَلَيْكَ لما قعدت له في ملأ من الناس حتَّى يقتص منك.
فقدم الرجل، فَقَالَ له الناس: اعف عنه، فَقَالَ: لا والله لا أدعه لأحد من الناس، فلما قعد أبو موسى ليقتص منه رفع الرجل رأسه إلى السماء ثم قَالَ: اللهُمَّ إني قد عفوت عنه. والله أعلم وصَلَّى اللهُ وَعَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وسلم.