للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم انْثَنَيْتُ على الأخْرَى فَقُلْتُ لَهَا ... أَنْ تُسْنِدِينِي وِإلا مِثْلَهَا كُونِي

لا أَبْتَغِي وُدَّ مَنْ يَبْغِي مُقَاطَعَتِي ... وَلا أَليِنُ لِمَنْ لا يَبْتَغِي لَيْنِي

إِنِّي كَذَاكَ إِذَا أَمْرٌ تَعرَّضَ لِي ... خَشِيتُ مِنْهُ عَلَى دُنْيَايَ أَوْ دِينِي

خَرَجْتُ مِنْهُ وَعِرْضِي مَا أُدَنّسُهُ ... وَلَمْ أَقُمْ غَرَضًا لِلَّنْذِلِ يَرْمِينِي

رُبَّ امرِئٍ أَجْنَبِيٍّ عَنْ مُلاطَفتِي ... مَحْضِ المَوَدَّةِ في البَلْوَى يُوَاسِينِي

ومُلْطفٍ بِي مُدَارٍ ذِي مُكَاشَرةٍ ... مُغْضٍ عَلَى وَغَر في الصَّدْرِ مَكْنُونِ

لَيْسَ الصَّدِيقُ الذي تُخْشَى بَوَادرهُ ... وَلا العَدُوّ عَلَى حال بِمَأمُونِ

يَلُومنِي النَّاسُ فِيمَا لَوْ أُخُبِّرِهُم ... بالعُذْرِ مِنِّي فِيه لَمْ يَلُومُونِي

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِصَالِحِ الأَعْمالِ وَاكْفِنَا بِحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرْ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

(فَصْلٌ) : وَفي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – عَنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا يَزِلُّ بِهَا في النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ» . وَأَخْرَجَ الترمِذي وَلَفْظهُ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنَ الشَّرِّ مَا يَعْلَمُ مَبْلَغَهَا يَكْتُبُ اللهُ لَهُ بِهَا عَلَيْهِ سَخَطَهُ إِلى يَوْمِ القِيامَةِ» . رَوَاهُ في شَرْحِ السُّنَّةِ، وَرَوَاهُ مَالِكُ، وَالتِّرْمِذي، وَابْنُ مَاجَة نَحْوَهُ.

فَالغِيبَةُ مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ وَمِنَ الذُّنُوبِ التِّي قَلَّ مَنْ يَسْلَمُ مِنْهَا كَالكَذِبِ وَالرِّيَاءِ وَالرِّبَا وَالمُدَاهَنَة.

وَإِذَا فَهِمْتَ مَا سَبَقَ فَاعْلَمْ أَنَّ الذُّنُوبَ المُتَعَلِّقَةِ بِحُقُوقِ العِبَادِ لا تُمْحَى إلا أَنْ عَفَوْا عَنْهَا أَوْ رُدَّتْ لَهُمْ مَظَالِمَهُمْ، فَقَدْ وَرَدَ عَنِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الدَّوَاوِينُ عِنْدَ اللهِ ثَلاثَةٌ: دِيوَانٌ لا يَعْبَأُ اللهُ بِهِ شَيْئاً، وَدِيوَانٌ لا يَتْرُكُ اللهُ مِنْهُ شَيْئاً، وَدِيوَانٌ لا يَغْفِرُهُ اللهُ فَأَمَّا الدِّيوَانُ الذِي لا يَغْفِرُهُ اللهُ فَالشِّرْكُ بِاللهِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>