ثم قَالَ: الحمد لله رب العالمين، ذكرني ربي من فوق سبع سموات، ومن فوق عرشه، ورحم جوعي وضعفي. يا رب كما لم تنس حديراً فاجعل حديراً لا ينساك.
قَالَ: فحفظ ما قَالَ، ورجع إلى النبي ? فأخبره بما سمع منه حين أتاه، وبما قَالَ حين أخبره، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: أما أنك لو رفعت رأسك إلى السماء لرأيت لكلامه ذلك نوراً ساطعاً ما بين السماء والأرض.
عن مُحَمَّد بن سعد قَالَ: كان ذو البجادين يتيماً لا مال له. فمات أبوه ولم يورثه شيئاً، وكفله عمه حتَّى أيسر.
فلما قدم النبي المدينة جعلت نفسه تتوق إلى الإسلام ولا يقدر عليه من عمه حتَّى مضت السنون والمشاهد. فَقَالَ لعمه: يا عم إني قد انتظرت إسلامك فلا أراك تريد محمداً، فأذن لي في الإسلام.
فَقَالَ: والله لئن اتبعت محمداً لاأترك بيدك شيئاً كنت أعطيتكه إلا نزعته منك، حتَّى ثوبيك.
قَالَ: فإنا والله متبع محمداً وتارك عبادة الحجر، وهذا ما بيدي فخذه ما أعطاه حتَّى جرده من إزاره.
فأتى أمه فقطعت له بجاداً لها باثنتين فاتزر بواحد وارتدى بالآخر ثم أقبل إلى المدينة وكان بورقان فاضطجع في المسجد في السحر.
وكان رسول الله ? يتصفح الناس إذا انصرف من الصبح، فنظر إليه فَقَالَ:«من أنت؟» فانتسب له وكان اسمه عبد العزي، فَقَالَ:«بل أنت عبد الله ذو البجادين» .