للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} ، قَالَ: هِيَ قِيَامُ العَبْدِ أَوَّلَ اللَّيْلِ.

وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ رَجُلَين: رَجُلٌ ثَارَ مِن وَطَائِهِ وَلِحَافِهِ مِنْ بِيْنِ حِبِّهِ وَأَهْلِهِ إِلَى صَلاتِهِ رَغبَةً فِيمَا عِنْدِي وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي» . الحَدِيث.

وَقَالَ الحَسَنُ، وَمُجَاهِدُ، وُمالِكُ، وَالأَوْزَاعِي وَغَيرُهُم: (إِنَّ المُرَادَ بِالتَّجَافِي القِيَامُ لِصَلاةِ النَّوَافِلِ بِاللَّيْلِ) ، وِفِي آيَةِ سُورَةِ الذَّارِيَاتِ أَخْبَرَ جَلَّ وَعَلا أَنَّهُم كَانُوا يَنَامُونَ القَلِيلَ مِنَ اللَّيْلِ وَيَتَهَجَّدُونَ مُعْظَمَهُ قَالَ تَعَالَى: {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} .

قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: مَا تَأْتِي عَلَيْهِمْ لَيْلةٌ يَنَامُوا حَتَّى يُصْبِحُوا إِلا يُصَلُّونَ فِيهَا شَيْئًا، إِمَّا مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ مِنْ أَوْسَطْهَا. وَقَالَ الحَسَنُ: كَابَدُوا قِيَامَ اللَّيلِ فَلا يَنَامُوا مِنَ اللَّيْلِ إِلا قَلِيلَهُ.

شِعْرًا:

خُضُوعٌ وَخَوْفٌ وَاحْتِشَامٌ وَذِلَّةٌ ... وَهَذَا لِمَنْ يَرُجو النَّجَاةَ قَلِيلُ

فَهَلْ لِي مِن الأَحْزَانِ حَظُّ مُوَفَّرٌ ... وَهَلْ لِي إِلَى طُولِ البُكَاءِ سَبِيلُ

لَعَلِّي أَنْ أُحْظَى بِقُرْبٍ وَلَذَّةٍ ... وَيَحْصُلُ لِي بَعْدَ الفِرَاقِ وُصُولُ

آخر:

يَا عَاشِقَ العَيْشِ فِي الدُّنْيَا وَزُخْرُفِهَا ... هَلْ أَخْلَدِ النَّاسَ مَا حَازَوْا وَمَا عَمَرُوا

عَلَيْكَ بِاللَّيْلَ فِي الأَذْكَارِ تُعمرهُ ... وَدَعْ مَلذَّاتِهِ الأخْرَى لِمَنْ كَفَرُوا

لَغَمْسَة في جِنَانِ الخُلْدِ خَاطِفَةً ... تُنْسِيكَ مَا مَرَّ مِنْ بُؤْسٍ لَهُ خَطَرُ

آخر: ... وَأَهْوَى مِنَ الفِتْيَانِ كُلَّ مُوَحَّدٍ ... يُلازِمَ ذِكْرَ اللهِ يَهوى التَّعَبُّدَا

نَفَى النَّومَ عَنْ عَيْنَيْهِ نَفْسٌ تَقِيَّةٌ ... لَهَا فِي ظَلامِ اللَّيْلِ طُولُ تَهَجَّدِ

وَاللهُ أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>