للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا خِلافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَنَّ مَنْ جَحَدَ مِنْ القُرْآنِ سُورَةً أَوْ آيَةً أَوْ كَلِمَةً أَوْ حَرْفًا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ أَنَّهُ كَافِرٌ، وَقَالَ عَلِيٌّ: مَنْ كَفَرَ بِحَرْفٍ مِنْهُ فَقَدْ كَفَرَ بِهِ كُلِّهِ.

وَكَذَا مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَسَعُهُ الْخُروجُ عَنْ شَرِيعَةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، كَمَا وَسِعَ الخَضْرُ الخروجُ عن شَرِيعَةِ مُوسى، أَوْ زَعَمَ أَنَّ هَدْيَ غَيْرِ مُحَمَّدٍ أَفْضَلُ مِنْ هَدْيِهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ أَحْسَنْ؛ أَوْ زَعَمَ أَنَّهُ لا يَسَعُ النَّاسَ في مِثْلِ هَذِهِ العُصُورِ إلا الخِروجُ عن الشريعةِ، وَأَنَّهَا كَانَتْ كافيةٌ في الزَّمَانِ الأَوَّلِ فَقَطْ وَأَمَّا في هَذِهِ الأزْمِنَةِ فَالشَّرِيعَةِ لا تُسَايِرُ الزَّمَنَ ولا بُدَّ مِنْ تَنْظِيمِ قَوَانِينِ بِمَا يُنَاسِبُ الزَّمَنُ، فَلا شَكَّ أَنَّ هَذا الاعْتِقَادِ إِذَا صَدَرَ مِنْ إِنْسَانٍ فَإِنَّهُ قَدْ اسْتَهَانَ بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَتَنَقَّصَهُمَا وَلا شَكَّ في كُفْرِهِ وَخُروجِهِ مِنْ الدِّينِ الإسْلامِي بالكُلِّيَّةِ.

وَكَذَلِكَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُحْتَاج لِلشَّرِيعَةِ فِي عِلْمِ الظَّاهِرِ دَوُنَ البَاطِنْ، أَوْ فِي عِلْمِ البَاطِنِ فَقَطْ أَوْ فِي عِلْمِ الشَّرِيعَةِ دُونَ عِلْمِ الْحَقِيقَةِ أَوْ أَنَّ هَذِهِ الشَّرَائِعِ غَيْرَ مَنْسُوخَةٍ بِدِينِ مُحَمَّدٍ، أَوْ اسْتَهَانَ بِدِينِ الإِسْلامِ، أَوْ تَنَقَّصَهُ أَوْ هَزَلَ بِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ شَرَائِعِهِ أَوْ بِمَنْ جَاءَ بِهِ وَكَذَلِكَ أَلْحَقَ بَعْضُ العُلَمَاءِ الاسْتِهَانَةِ بِحَمَلَِتهِ لأَجْلِ حَمْلِهِ فَهَذِهِ الأمورُ كُلُّهَا كُفْر. قَالَ تَعَالَى: {قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} .

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِمَا وَفَّقْتَ إِلَيْهِ القَوْم وَأَيْقِظْنَا مِنْ سِنَةِ الغَفْلَةِ وَالنَّوْم وَارْزُقْنَا الاسْتِعْدَادَ لِذَلِكَ اليَوْمِ الذِي يَرْبَحُ فِيهِ الْمُتَّقُونَ، اللَّهُمَّ عَامِلْنَا بِإحْسَانِكَ وَجُدْ عَلَيْنَا بِفَضْلِكَ وَامْتِنَانِكَ وَاجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الذِينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِم وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْ ذُلَّنَا بَيْنَ يَدَيْكَ وَاجْعَلْ رَغْبَتَنَا فِيمَا لَدَيْكَ وَلا تَحْرِمْنَا بِذُنُوبِنَا، وَلا تَطْرُدْنَا بِعُيوبِنَا، وَاغْفِرَ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>