للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي سنة أربع وأربعين وثلاثمائة أصابَ أهل البصرةِ حَرٌّ فكانوا يتساقطون مَوْتَى في الطُّرقَاتِ.

وفي سنة ثمان وأربعين وأربعمائة عَمَّ القُحْفُط فأُكِلتِ الميتةُ وبلغ المكوك من برز البقلة سَبْعَ دَنَانِير، والسفر جَلَةُ، والرمانةُ دِينَارًا، والخيارةُ واللينوفرةُ دينارًا، وَوَرَدَ الخبرُ من مِصر بأن ثلاثةً مِن اللُّصُوص نَقَبُوا دَارًا فوُجِدُوا عندَ الصباح مَوْتَى أحَدُهم على بابِ النقبِ، والثاني على رَأْسِ الدَّرَجَةِ، والثالثُ على الثياب الْمُكَوَّرَةِ.

وفي السنة التي تليها وقعَ وَبَاءٌ فكان تُحْفَرُ زِيبةٍ لِعَشْرِينَ وَثَلاثِينِ فَيُلْقَونَ فِيها وتابَ الناسُ كُلُّهم وَأَرَاقُوا الخمورَ وَلزِمُوا المساجدَ.

وفي سنة ستٍ وخمسينَ وأرْبِعِمِائةٍ وَقَعَ الوَبَاءُ وَبَلَغَ الرطلُ من التمرِ الهِندي أربعةَ دَنانير وفي سنة اثنتين وستين وأربعمائة اشتد الجُوعُ والوَبَاءُ بِمِصْرِ حتى أَكلَ النَّاسُ بَعضُهم بَعْضًا وبيع اللَّوزُ وَالسُّكَّر بِوَزْنِ الدَّرَاهِم والبيضةُ بِعَشْرَةِ قَراريط وَخَرَجَ وَزِيرُ صَاحِب مَصْر إليه فنزلَ عَنْ بَغْلَتِهِ فأخَذَهَا ثَلاثَة فأَكَلُوها فَصُلَبُوا فأَصْبَحَ الناسُ لا يَرَوْنَ إلا عِظَامَهُمَ تَحْتَ خَشَبِهِم وَقَدْ أُكِلُوا، وَفِي سَنة أربع وستين وأربعمِائة وقعَ الموتُ في الدوابِ حَتَّى إِنَّ رَاعِيًا قامَ الغنمِ وَقْتَ الصباحِ لِيَسُوقَهَا فَوَجَدوهَا كُلَّها مَوْتَى. ذكر ذلك ابن الجوزي رحمه الله.

وفي سنة أربع وثلاثين وثلاثمائةٍ وَقَعَ غَلاءٌ شَدِيدِ ببغداد حتى أَكَلُوا الميتةَ وَالسَّنَانيرَ والكلابَ، وَكَان مِن النَّاس مَنْ يَسْرِقُ الأولادَ فَيَشْوِيهِم ويأَكْلُهُم.

وَكَثُرَ الوَبَاءُ في الناس حتى كان لا يَدْفُنُ أحَدٌ أَحَدًا بَلْ يُتْركُونَ على الطرق فَيَأَكلُ كَثِيرًا منهم الكلاب.

وبِيعَةُ الدُّور بالخُبْزِ وانْتَجَع الناسُ إلى البَصْرة فكان منهم من ماتَ في الطريق.

<<  <  ج: ص:  >  >>