للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي السنة التي تليها مطر أهل تيما مطرًا وبردًا كالبيض فقتل به ٣٧٠ إنسانًا. وسمع في ذلك صوت يقول: ارحم عبادك، اعف عن عبادك. ونظروا إلى أثر قَدِمٍ طولها ذراعٌ بلا أصابع وعَرْضُهَا شِبْرٌ وبين الخطوتين خمسة أذرع أو ستة. فاتبعوا الصوت فجعلوا يسمعون صوتًا ولا يرون شخصًا.

وفي سنة ٢٣٣ رجفت دمشق رجفة انقضت منها البيوت وسقطت على من فيها فمات خلق كثير. وأنكفأت قرية في الغوطة على أهلها فلم ينج منهم إلا رجل واحد. وزلزلت أنطاكية فمات منها عشرون ألفًا.

وفي السنة التي تليها هبت ريح شديدة لم يعهد مثلها فاتصلت نيفًا وخمسين يومًا. وشملت بغداد والبصرة والكوفة وواسط وعبادان والأهواز، ثم ذهبت إلى همدان فأحرقت الزرع، ثم ذهبت إلى الموصل فمنعت الناس من السعي وتعطلت الأسواق، وزلزلت هراة فوقعت الدور.

وذكروا أشياء كثيرة غريبة عجيبة يطول ذكرها اقتصرنا منها على هذا الطرف اليسير الذي ربما يكون سببًا للاعتبار والتيقظ والرجوع إلى الله.

نسأل الله الحي القيوم العلي العظيم الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد أن يوقظ قلوبنا ويستر عيوبنا ويغفر ذنوبنا ويثبتنا على قوله الثابت في الحياة الدنيا والآخرة إنه سميع قريب على كل شيء قدير.

شِعْرًا:

صَرَفْتُ إلى رَبِّ الأَنَامِ مَطَالِبِي ... وَوَجَّهْتُ وَجْهِي نَحْوَهُ وَمَآرِبِي

إلى الْمَلِكِ الأَعْلَى الذِي لَيْسَ فَوْقَهُ ... مَلِيكٌ يُرَجَّى سَيْبُهُ في الْمَتَاعِبِ

إلى الصَّمَدِ البَرِّ الذِي فَاضَ جُودُهُ ... وَعَمَّ الوَرَى طُرًا بِجَزْلِ الْمَوَاهِبِ

مُقِيلفْي إِذَا زَلَّتْ بِي النَّعْلُ عَاثِرًا ... وَأَسْمَحَ غَفَّارٍ وَأَكْرَمْ وَاهِبِ

فَمَا زَالَ يُولِينِي الْجَمِيلَ تَلَطُّفًا ... وَيَدْفَعُ عَنِّي فِي صُدُورِ النَّوَائِبِ

وَيَرْزُقْنِي طِفْلاً وَكَهْلاً وَقَبْلَهَا ... جَنِينًا وَيَحْمِينِي وِبِيَّ الْمَكَاسِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>