للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(نصيحة)

اسْمَعْ يَا مُضَيَّعَ الزَّمَانَ فِيمَا يَنْقُصُ الإِيمَان مُعْرضًا عن الأرباح وَمُتَعَرِضٌ للخُسْران لقد سُرَّ بِفِعْلِكَ الشامِتْ.

يَا مَنْ يَفْرحُ بالعِيدِ لِتَحْسِين لِبَاسِهِ، وَيُوقِنُ بالموتِ وما اسْتَعَدَّ لِبَأسهِ ويَغْتَر بإخوانهِ وَأَقْرانِه وَجُلاسِه، وكأنه قد أمِنَ سُرْعَةَ اخْتِلاسِهْ.

يَا غَافِلاً قَدْ طُلِبْ، وَيَا مُخَاصِمًا قَد غُلِبْ، ويا واثقًا قد سُلِبْ، إيَّاكَ والدُّنْيَا فما الدُّنْيَا بدَائِمة، لَقَدْ أبانَتْ لِلنَّوَاظِرِ عُيُوبَها وَكَشَفَتْ لِلْبصَائِرِ غُيُوبَها وَعَدَّدَتْ عَلَى المَسَامِهِ ذُنُوبَها، وَمَا مَرَّتْ حتى أَمَرَّتْ مَشْرُوبَهَا.

فلذاتُها مِثْلُ لمعَانِ البَرْق وَمُصِيبَتُهَا وَاسِعَةُ الْخَرْق، سَوَّتْ عَوَاقِبُهَا بَيْنَ سُلطانِ الغرب والشرق فما نجا منها ذو عَدَدْ ولا سلم فيها صاحبُ عُدَدْ مَزَّقَت الكُلَّ بكَفِّ البُدَدْ ثم وَلَّتْ فما أَلْوَتْ على أَحَدْ.

قال - صلى الله عليه وسلم -: «سبعة يُظِِلِّهُمْ الله في ظِلِّه» منهم: «رجل دَعَتْه امرأةٌ ذاتُ مَنْصِبٍ وجمال فقال: إنِّي أخافُ الله» .

اسْمَعْ يَا مَنْ أَجَابَ عَجُوزًا هَتْمَا عَمْيَا صَمًّا جَرْبَا سَودَاءَ شَوهَاء مُقْعَدة على مَزْبَلَةَ ولكن غَلَبَتْ عَليكَ مَحَبَّتُهَا عُرضَتْ على النبي - صلى الله عليه وسلم - بطحاء مكة ذَهَبَا فَأبَى أَنْ يَقْبَلهَا.

مَا هذه الدنيا بدَارِ مَسَرَةٍ ... فَتَخَوَّفِي مَكْرًا لَهَا وَخِدَاعَا

بَيْنَا الفَتَى فيهَا يُسَرُّ بِنَفْسِهِ ... وَبِمَالِهِ يَسْتَمْتِعُ اسْتِمْتَاعَا

حَتَّى سَقَتْهُ مِنْ الْمَنِيَّةِ شَرْبةً ... وَحَمَتْهُ فيه بعدَ ذَاكَ رَضَاعَا

فَغَدًا بِمَا كَسَبَتْ يَداهُ رَهِينَةً ... لا يَسْتَطِيعُ لِمَا عَرَتْهُ دِفَاعَا

لَوْ كَانَ يَنْطِقُ قال مِنْ تَحْتَ الثرى ... فلْيُحْسِنِ العمَلَ الفَتَى مَا اسْتَطَاعَا

اللَّهُمَّ اجْعَلِ الإِيمَانَ هادِمًا لِلسيئات، كَمَا جَعَلْتَ الكُفْرَ هَادِمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>