بالقَوْمِ مِن مَرَضٍ وَيَقُولُ قَدْ خُولِطُوا وَلَقَدْ خَالَطَهُم أَمْرٌ عَظِيمٌ؟ لا يَرْضَوْنَ مِنْ أَعْمَالِهم القَلِيلَ وَلا يَسْتَكْثِرُونَ الكَثِيرَ فَهُمْ لأَنْفُسِهِم مُتَّهَمُونَ وَمِن أَعْمَالِهِم مُشْفِقُونَ إِذَا زُكِيَ أَحَدُهُم خَافَ مِمَّا يُقَالُ فَيَقُولُ: أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْ غَيْرِي وَرَبِي أَعْلَمُ بِي مِنْ نَفْسِي اللَّهُمَّ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ وَاجْعَلْنِي أَفْضَلَ مِمَّا يَظُنونَ، وَاغْفِرْ لِي مَا لا يَعْلَمُونَ.
فَمِنْ عَلامَةِ أَحَدِهِم أَنَّكَ تَرَى لَهُ قُوَّةً في دِينٍ وَحَزْمًا في لِيْنٍ وَإِيمَانًا فِي يَقِينٍ وَحَرْصًا في عِلْمٍ، وَعِلْمًا في حِلْمٍ وَقَصْدًا في غِنَى وَخُشُوعًا في عِبَادَةٍ وَتَحَمُّلاً في فَاقَةٍ وَصَبْرًا في شِدَّةٍ وَطَلبًا في حَلالٍ وَنَشَاطًا في هُدَى وَتَحَرُّجًا عن طَمَعٍ.
شِعْرًا:
وَإِذا بَحَثتُ عَنِ التَقِيِّ وَجَدتُهُ ... رَجُلاً يُصَدِّقُ قَولَهُ بِفِعالِه
وَإِذا اِتَّقى اللَهَ اِمرُؤٌ وَأَطاعَهُ ... فَيَدَاهُ بَينَ مَكارِمٍ وَمَعالِي
وَعَلى التَقِيِّ إِذا تَرَسَّخَ في التُقى ... تاجانِ تاجُ سَكينَةٍ وَجَمَالِ
وَإِذَا تَنَاسَبَتِ الرِّجَالُ فَمَا أَرَى ... نَسَبًا يَكُونُ كََصَالِحِ الأَعْمَالِ
آخر: ... تَجَمَّل بالتَّقَى إِنْ رُمْتَ عِزًا ... فَتَقْوَى اللهِ أَشْرَفُ ما اقْتَنَيْتَا
وَأَكْثِرْ ذِكْرَهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ ... لِتَسْعَدَ في الْمَعَادٍ إِذَا أَتَيْتَا
آخر: ... تَزَوَّدْ وَمَا زَادَ اللَّبِيبِ سَوَى التَّقْوَى ... عَسَاكَ عَلَى الْهَوْلِ العَظِيم بِهَا تَقْوَى
فَمَنْ لَمْ يُعَمِّرْ بالتُّقَى جَدَثًا لَهُ ... فَمَنْزِلُهُ فِي خُلْدِهِ مَنْزِلٌ أَوْهَى
آخر: ... وَمَا لِبَسَ الإنْسَانُ أَبْهَى مِنْ التُّقَى ... وَإِنْ هُوَ غَالَى فِي حِسَانِ الْمَلابِسِ
آخر: ... يَقُولُونَ لي هَلْ للمكَارِمِ وَالعَلى ... قِوَامٌ فَفِيهِ لَوْ عَلِمْتَ دَوَامُهَا
فَقُلْتُ لَهُمْ وَالصَّدْقُ خُلْقٌ أَلِفْتُهُ ... عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ فَهِيَ قَوَامُهَا
(فَصْلٌ)
التَّقَيُّ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ الصَّالِحَةِ وَهُوَ عَلَى وَجْلٍ يُمْسِي وَهْمُّهُ الشُّكْرُ، وَيُصْبِحُ وَهَمُّهُ الذِّكْرُ يَبِيتُ حَذِرًا وَيُصْبِحُ فَرِحًا، حَذِرًا لِمَا حَذِرَ مِن الغَفْلَةِ